إن أمة الإسلام اليوم بحاجة مَاسَّة إلى الاستفادة من مواسم الإسلام المباركة، وآثارها العظيمة ومنافعها الجمة؛ لتنطلق للإصلاح من هذه البقاع المباركة، فمتى تظل الأمة تراوح مكانها؟ وتأسى على أوضاعها؟ وتندب حظها؟ دون تحرك جاد في العمل للإسلام وبالإسلام.
وبما تَقَدَّم من أهمية هذا الركن العظيم، وما يعتري المسلم فيه من عوارض تحتاج إلى أحكام وأجوبة، ولتفريط كثير من المسلمين - من أسف - فى تحصيل فقه الحج، وقصورِهم عن معرفة أحكامه وسُننه وآدابه؛ رَغِبتُ فى إعداد هذا الكتاب وتأليفه، وتَعنَّيتُ لتحبيره جهدي، مُستلهمًا من المولى عز شأنه التسديد والتوفيق، سائلًا إياه أن يكون لحُجاج بيت الله دليلًا ونبراسًا، ولطالب العلم أصلًا وأساسًا.
على كف الندى أُهْدِي كتابي … وأُرخي في محبتكم رِكابي
فإن كان الذي أُهْدي يسيرًا … ففيض الوُد أكمل في النِّصابِ
وسَميتُه «جَمْع السبائك لأحكام المناسك».
وكان عملي في هذا الكتاب هو جَمْع مسائل الحج:
فإن كانت المسألة من مواضع الإجماع، حاولتُ قدر استطاعتي توثيق هذا الإجماع من مظانه المعتبرة، وبَينتُ هل هذا الإجماع منخرم أم لا؟
وإذا كانت المسألة من مسائل الخلاف، قمتُ بعرض المسألة الخلافية بذكر كل قول، ثم القائل به، لا سيما المذاهب الأربعة، ثم الأدلة من القرآن والسُّنة.
وقد التزمتُ فيه ما صَحَّ عن النبي العدنان، مع ذكر بعض الأحاديث الضعيفة لبيان ضعفها، أو للرد على مَنْ استَدل بها.
وكذلك ذَكَرْتُ الآثار عن الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار، ورجَّحتُ ما يقتضي الدليل رُجحانه.
ثم لما كانت هناك مسائل نازلة في الحج، لم أجد فيها أقوالًا للصحابة ولا التابعين، ذَكَرْتُ أقوال أهل العلم المعاصرين.
وكم تمنيتُ أن يكون هذا الكتاب فريدًا في بابه، يجد فيه طالب العلم نَهْمته والناسك بُغيته.