(٢) رواه البخاري (٢٨٥٤) واللفظ له، ومسلم (١١٩٦). وقد رُوي هذا الحديث بألفاظ كثيرة، وقد اختُلف في ألفاظه على ثلاثة أوجه: الوجه الأول: اختُلف في العامِ الذي وقعت فيه القصة، هل وقعت في عام الحُديبية، أم في حجة الوداع؟ ومداره على عبد الله بن أبي قتادة، واختُلف عليه: فَرَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ أَبِي عَامَ الحُدَيْبِيَة. رواه البخاري (١٨٢١)، ومسلم (١١٩٦). وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ حَاجًّا. ولفظة «خَرَجَ حَاجًّا» منكرة؛ فالصواب أن القصة كانت عام الحُديبية، وليست في حجة الوداع. قال ابن حجر: قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: هَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ الْقِصَّةَ كَانَتْ فِي عُمْرَةٍ، وَأَمَّا الْخُرُوجُ إِلَى الْحَجِّ فَكَانَ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ، وَكَانَ كُلُّهُمْ عَلَى الْجَادَّةِ، لَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، وَلَعَلَّ الرَّاوِيَ أَرَادَ: (خَرَجَ مُحْرِمًا) فَعَبَّرَ عَنِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ غَلَطًا. «فتح الباري» (٤/ ٢٩). الوجه الثاني: بعض ألفاظه ذَكَرَتْ أكل أصحاب الرسول ﷺ فقط، وبعضها ذَكَرَتْ أكل الرسول ﷺ، ورُوي أن النبي ﷺ امتنع من أكل صيد أبي قتادة. ١ - فبعض ألفاظ حديث أبي قتادة ذَكَرَتْ أكل أصحاب الرسول ﷺ فقط. فرواه هشام، عن يحيى، عن عبد الله، به، وفيه: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ. فَقَالَ لِلْقَوْمِ: «كُلُوا» وَهُمْ مُحْرِمُونَ. أخرجه البخاري (١٨٢٢، ١٨٢٣)، ومسلم (١١٩٦). ٢ - ورُوي أن النبي ﷺ أَكَل من الصيد، رواه غُنْدَر، عن أبي حازم، عن عبد الله، به، وفيه: فَنَاوَلْتُهُ العَضُدَ، فَأَكَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ. البخاري (٢٥٧٠). ٣ - ورُوي أن النبي ﷺ امتَنع من أكل صيد أبي قتادة، فرواه عبد الرزاق (٨٣٣٧) عن مَعْمَر، عن يحيى ابن أبي كَثير، عن عبد الله … وفيه: «فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالأَكْلِ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي اصْطَدْتُهُ لَهُ». وهذا المتن شاذ لمخالفة مَعْمَر للثقات الأثبات الذين أثبتوا أكل رسول الله ﷺ من صيد أبي قتادة. قال ابن عبد الهادي: والظاهر أن هذا الذي تفرد به مَعْمَر غلط؛ فإن في «الصحيحين» أن النبي ﷺ أَكَل منه. «تنقيح التحقيق» (٢/ ٤٤٧). =