(٢) إسناده حسن: يَرويه السُّدِّي، وقَد اختُلِف عنه، فرُوي مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح. وأخرجه موقوفًا الطبري (١٧/ ١٤٠، ١٤١) من طريق يحيى القطان، عن الثوري، عن السُّدي، به. وأخرجه أحمد (٤٠٧١): عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ. قد رَفَعه شُعبة عن شيخه رواية، لكنه كان يَرى وقفه، فقد قال: وأنا لا أرفعه لك. وقد رَجَّح الدارقطني أن الموقوف أصح. «علل الدارقطني» (٢/ ٤٦٢). وقد اختَلف العلماء في حُكم مضاعفة السيئات في حرم مكة على قولين: القول الأول: أن السيئات لا تُضاعَف. وهو قول لكل من الحنفية والشافعية والحنابلة. «فتح القدير» (٢/ ١٧٨)، و «إعلام الساجد» (ص: ١٢٨)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥١٨). واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]. واستدلوا بما روى البخاري (٧٥٠١)، ومسلم (١٢٠): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَالَ اللَّهُ ﷿: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَةً». القول الآخَر: ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في المشهور عنهم إلى أن السيئات تُضاعَف بمكة بمِائة ألف. «فتح القدير» (٢/ ١٧٨)، و «الإنصاف» (٣/ ٥٦٣). واستدلوا بما ورد عن ابن عباس أنه سُئل عن مُقامه بغير مكة فقال: مَا لِي وَبَلَدٍ تَتَضَاعَفُ فِيهِ السَّيِّئَاتُ كَمَا تَتَضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ؟! وهذا الأثر لم أقف له على سند، ذَكَره البُهُوتي في «كشاف القناع» (٦/ ٣٤٩)، وذَكَره الزركشي في «إعلام الساجد» (ص: ١٢٨)، قال المحقق: وفي هامش هذه الصفحة وَجَدْتُ بخط ابن حجر ما نصه: هذا لم يَثبت عن ابن عباس، ولم يَزَل مَقره بمكة، إلى أن خرج عنها لما سافر مع ابن الزبير، فأقام بالطائف. والراجح: أَنْ المُضاعَفة في الكَيْف لا الكَمّ، أي أن السيئة في الحرم أعظم من غيرها في الأماكن الأخرى؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: ٢٥] ولكن المضاعفة بمِائة ألف لا يدل عليها دليل صحيح. والله أعلم.