الثاني: أن التصاق بناء مَشْعَر المسعى ببناية المسجد الحرام، وتهيئة الساحة الشرقية الواقعة خلف المسعى للصلاة، وتحويطها بالسياج والأبواب، واتخاذ الناس لها مصلى- يَجعل المسعى جزءًا من المسجد الحرام عرفًا.
وأما السُّنة، فاستدلوا بعموم قول النبي ﷺ:«فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» دل الحديث على جواز السعي للحائض؛ لأنها لم تُمنع إلا من الطواف بالبيت، فدل ذلك على أن أحكام المسعى تختلف عن أحكام البيت. ولأن عامة العلماء على أن مَنْ طافت ثم حاضت، جاز لها أن تسعى بين الصفا والمروة، ولو كان المسعى من المسجد لما أجازوا ذلك.
وأما المعقول، فهو أن المسعى محدود المعالم، وهو منسك متميز عن الكعبة والمسجد الحرام.
القول الآخَر: أن المسعى بعد دخوله في مبنى المسجد الحرام، وأصبح ضمن جدرانه، أن له أحكامه، من جواز الطواف والاعتكاف … وغير ذلك من أحكام المساجد.
واستدلوا بالقياس من وجهين:
الأول: أن حُكْم الزيادة هو حُكْم المُزاد فيه، ولذلك أمثلة، فحينما وَسَّع الصحابة المسجد النبوي، أَعْطَوُا الزيادة حُكْم المسجد في عهد النبي ﷺ في المضاعفة والفضيلة.
ونوقش بأن هذا قياس مع الفارق؛ لأن المسعى مَشْعَر مستقل بذاته، له أحكامه الخاصة، لا يتبع غيره. بينما ما زِيد في المسجد الحرام لم يكن قبل الزيادة مَشْعَرًا، فلما أُدْخِلَ فيهما دخل في أحكامهما؛ ولذا لا يُغيِّر البناء أو غيره من أحكام المسعى شيئًا.
الثاني: أن ما اتصل من الزوائد بالأصل اتصال قرار وتَمَاسّ- يشمله حُكْم واحد في الجملة. ومن أمثلة ذلك: الصفوف إذا اتصلت صحت المتابعة، ولو امتدت خارج المسجد. وكذلك الطواف من وراء حائل، لا يصح إلا مع وجود اتصال الزحام، فكذا المسعى عندما اتصل بالمسجد الحرام يأخذ حكمه.
ونوقش بأن المسعى محدود المعالم، معلوم مميز، مفصول عن المسجد بجدار قصير يوضحه ويبينه.
وأما قولهم:(إذا اتصلت الصفوف صحت المتابعة، ولو امتدت خارج المسجد)