للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان لا يَدري ما يَعرض له، فقد يَطرأ عليه العجز عن القيام بأوامر الله، ولو أَخَّر الحج عن السَّنة الأولى فقد يموت فيَفوت الفرض، وتفويت الفرض حرام (١).

وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» (٢).

قال ابن تيمية: فَإِذَا كَانَ الْقَضَاءُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ، فَأَنْ تَجِبَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ الْأَدَاءَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى (٣).

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللهِ وَلَمْ يَحُجَّ، فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] (٤).


(١) «شرح العمدة» (١/ ٢٠٨).
(٢) إسناده صحيح، ومدار هذا الحديث على يحيى بن أبي كَثير عن عكرمة. واختُلف عنه على وجهين:
الأول: رواه حَجَّاج بن الصَّوَّاف، عن يحيى بن أبي كَثير، عن عكرمة، عن الحَجَّاج بن عمرو، به. أخرجه أحمد (١٨٣٣) وقد صَرَّح عكرمة بسماعه من الحَجَّاج.
وذهب الترمذي إلى صحة هذا الطريق بقوله: وَحَجَّاجٌ الصَّوَّافُ لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ عَبدَ اللهِ بْنَ رَافِعٍ، وَحَجَّاجٌ ثِقَةٌ حَافِظٌ. وقَالَ ابْنُ المَدِينِيِّ: الحَجَّاجُ عَنْ يَحيَى أَثْبَتُ. «السُّنن الكبرى» (١٠/ ٤١٨)
الثاني: رواه مَعْمَر عند أبي داود (١٨٥٤)، ومعاوية بن سَلَّام عند الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٦١٧)، وسعيد بن يوسف عند الطبراني (٣٢١٤) فجعلوا بين عكرمة والحَجاج عبدَ الله بن رافع، قال البخاري: رِوَايَةُ مَعْمَرٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَّامٍ أَصَحُّ.
والحاصل: أن عكرمة سَمِعه من الحَجَّاج مَرَّة، وسَمِعه من عبد الله بن رافع عن الحَجَّاج مَرَّة، فحَدَّث به على الوجهين، قال ابن حجر: فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ عِكْرِمَةُ سَمِعَهُ مِنَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالْوَاسِطَةُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ، ثِقَةٌ. «فتح الباري» (٤/ ٧).
قلت: وهذا من المزيد في متصل الأسانيد؛ لأن عكرمة قد صَرَّح بسماعه من الحَجَّاج.
(٣) «شرح العمدة» (١/ ٢٠٨).
(٤) منكر: أخرجه الترمذي (٨١٩)، وفي إسناده الحارث الأعور وهلال بن عبد الله، وضَعْفهما شديد. وقال البخاري: حديث هلال في الحج منكر. قال ابن عَدي: وغير محفوظ. «ذخيرة الحُفاظ» (٤/ ٢٤١٩).
وله شواهد:
١ - حديث أبي أُمَامَةَ: ومداره على ليث عن ابن سابط، واختُلف عليه في الوصل والإرسال:
فرواه شَريك، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أُمَامَة، به. أخرجه الدارمي (١٨١١).
ورواه الثوري وأبو الأحوص كلاهما، عن ليث، عن ابن سابط، مرسلًا. عند ابن أبي شيبة (١٥٠٥٤).
وقد رَجَّح المرسل البيهقي وابن عبد الهادي في «نَصْب الراية» (٤/ ٤١٢)، و «التلخيص» (٢/ ٢٢٣).
وعلى كل حال، فمداره على ليث بن أبي سُلَيْم، وهو ضعيف.
٢ - حديث أبي هريرة، أخرجه ابن عَدي (١١٠٨٨)، وفي إسناده يزيد بن سفيان، وهو متروك.
وفي الباب عن ابن مسعود، وهو حديث موضوع. ولا يصح في الباب حديث. والله أعلم.

<<  <   >  >>