للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النسك، وقد قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢].

وأما السُّنة، فاستدلوا بعموم قول النبي : «اسْعَوْا؛ فَإِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ» (١).

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ بِالْبَطْحَاءِ، وَهُوَ مُنِيخٌ، فَقَالَ: «أَحَجَجْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «بِمَ أَهْلَلْتَ؟» قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ . قَالَ: «أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ» (٢).

وجه الدلالة: أنه أَمَر بالسعي كالطواف، ورَتَّب عليه الحِل، فيكون ركنًا كالطواف.

وَعَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفَ، فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ : «يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» (٣).

وَجْه الدلالة: أنه يُفْهَم من الحديث أنها لو لم تَطُف بينهما، لم يَحصل لها إجزاء عن حجها وعمرتها، فدل ذلك على أن السعي ركن للحج.

وعن عائشة قالت: «فَلَعَمْرِي، مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» (٤).

وَجْه الدلالة: تعليق تمام الحج على السعي يدل على أنه ركن لابد من الإتيان به.


(١) ضعيف، وله طرق، من أشهرها طريق عبد الله بن المُؤَمَّل، واختُلف عليه من وجهين:
الأول: عن عمر بن مُحَيْصِن، عن عطاء، عن صفية بنت شَيْبة، عن حَبِيبة. أخرجه أحمد (٢٧٣٦٧).
الثاني: رواه بإسقاط عمر عند أحمد أيضًا (٢٧٣٦٨).
وقد ذَكَر ابن القَطَّان أوجه الاختلاف فيه، وقال: فهذا الاضطراب من عبد الله بن المُؤمَّل، وهو دليل على سوء حفظه وقلة ضبطه. «الوهم والإيهام» (٥/ ١٥٩).
وقد قال أحمد: إن أحاديثه مناكير. وقال ابن عَدي: وهذا يرويه عبد الله بن المُؤمَّل، وبه يُعْرَف، ولابن المُؤمَّل هذا غير ما ذَكَرْتُ من الحديث، وعامة ما يرويه الضعف عليه بَيِّن. «الكامل» (٦/ ٣٨٩).
الطريق الثاني: مداره على الخليل بن عثمان، لم أجد له ترجمة. أخرجه ابن خُزيمة (٢٧٦٤).
وذَكَر الدارقطني في «العلل» (٤١١٧) طرقًا أخرى لا تصح، وقال: والصحيح قول مَنْ قال: (ابن المُؤَمَّل، عن ابن مُحَيْصِن، عن عطاء، عن صفية، عن حبيبة) وهو الصواب.
(٢) رواه البخاري (١٧٩٥)، ومسلم (١٢٢١).
(٣) رواه مسلم (١٢١١).
(٤) رواه البخاري (١٧٩٠)، ومسلم (١٢٧٧).

<<  <   >  >>