للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طواف الإفاضة إلى انتهاء أيام التشريق يوجب نقصانًا، فيُجبَر ذلك النقصان بالدم.

ونوقش بأنه لا يَلزم من عطف الطواف على الذبح وجوبه في أوقات الذبح، خاصة وأن العطف ب (ثُم) التي تقتضي التراخي، فدل على عدم وجوبه في أوقات الذبح. ويؤيد ذلك أن النبي أجاز طواف الإفاضة بعد أيام التشريق؛ لأنه قد حان طواف الوداع، فقال: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» أي أن صفية لو كانت حائضًا ولم تَطُف للإفاضة، لانتظرها حتى تَطهُر وتطوف. ولو كان يجب دم لبَيَّنه؛ لأنه لا يَجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

القول الثالث: أن تأخير الطواف إلى انتهاء شهر ذي الحجة موجب للدم. وهو المشهور عند المالكية (١).

واستدلوا لذلك بعموم قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧].

وَجْه الدلالة: أن أَشْهُر الحج ثلاثة، وهي: شَوَّال وذو القعدة وذو الحجة. وتأخير الطواف عن شهر ذي الحجة فِعل للركن في غير أشهر الحج، وهذا يوجب عليه الدم.

ونوقش بأن أفعال الحج منها ما هو محدودٍ آخِرها شرعًا كالوقوف بعرفة، ومنها ما هو غير محدود شرعًا، كتأخير طواف الإفاضة، فيجزئ فِعله في أي وقت.

القول الرابع: أن تأخير الطواف إلى انتهاء شهر ذي الحجة مُبْطِل للحج. وبه قال ابن حزم؛ لأن أَشْهُر الحج ثلاثة، وهي: شَوَّال، وذو القعدة، وذو الحجة. فإذا انتهى شهر ذي الحجة قبل أن يطوف للإفاضة، فقد بَطَل حجه لانتهاء وقت الحج قبل تمامه (٢).

والراجح: أن وقت طواف الإفاضة لا حد لآخِره شرعًا، فيجوز تأخير الطواف بلا حد، ولو أن الحاج رجع إلى بلده بعد الحج قبل طوافه، ثم سافر إلى مكة فطاف الإفاضة، أجزأه. ولا يجب طواف الوداع لأنه لم يُتِم نسكه، ولا دليل على وجوب الدم عليه (٣).


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١٣٠)، و «الذخيرة» (٣/ ٢٧٨)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٣٧٠).
(٢) «المُحَلَّى» (٧/ ١٧٢).
(٣) وسُئلت اللجنة الدائمة (١١/ ٢٢٧): متى ينتهي طواف الإفاضة؟
فأجابت: يَبدأ طواف الإفاضة بعد منتصف الليل من ليلة النحر، للضَّعَفة ومَن في حكمهم. وليس لنهايته وقت محدد، لكن الأَوْلَى أن يُبادِر الحاج بالطواف للإفاضة قدر استطاعته، مع مراعاة الرفق بنفسه، وتَحيُّن الأوقات التي يكون المطاف فيها خفيفًا من الزحام؛ حتى لا يُؤذِي ولا يُؤذَى.

<<  <   >  >>