للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بالسُّنة والمأثور والمعقول:

أما السُّنة، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ : وَقَفَ النَّبِيُّ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الجَمَرَاتِ، فِي الحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، وَقَالَ: «هَذَا يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ» (١).

وَجْه الدلالة: أنه كيف يكون يوم النحر هو يوم الحج الأكبر، وليس من أشهر الحج؟!

وأما المأثور، فعن ابن مسعود قال عن قوله: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧] قال: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (٢).

وعن ابن عباس قال: أَشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (٣).


(١) رواه ابن عمر، واختُلف عنه:
فرواه هشام بن الغاز عند البخاري معلقًا (١٧٤٢)، ويعقوب بن عطاء- وهو ضعيف- عند الطبراني في «الأوسط» (٩٢٠٨)، وسعيد بن عبد العزيز- وفيه ضعف- عند تَمَّام في «فوائده» (٤٤٣) ثلاثتهم عن نافع، به، بزيادة: «هَذَا يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ».
ورواه محمد بن زيد عن ابن عمر، به مرفوعًا: «فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ» وليس في حديثه: (هَذَا يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ) عند البخاري (١٧٤٢).
وكذا رواه صدقة بن يسار- وفيه ضعف- عند ابن أبي شيبة (٣٥٩٧٢) ومجاهد عند الطبراني (١٢/ ٤١٦)، وفي السند أشرس بن حسان، لم أقف له على ترجمة.
فالحاصل: أن هذه الزيادة من طريق هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر. وهشام وإن كان ثقة، إلا أنه ليس من أصحاب نافع المشاهير، وقد استغربه الدارقطني في «أطراف الغرائب» (٣/ ٥١٥) فقال: غريب من حديث نافع عنه، تَفَرَّدَ به هشام عنه بهذه الألفاظ.
ورواه محمد بن زيد عن ابن عمر، بدون هذه اللفظة.
ورواه الزُّهْري، عن حُمَيْد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وفيه: «لَا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ … ».
فرواه شُعيب فزاد فيه: «وَيَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ».
وخالف شُعيبًا: يونس عند البخاري (١٦٢٢)، ومسلم (١٣٤٧)، وفُلَيْح وصالح بن كَيسان وعَقيل وابن أخي الزُّهْري. أربعتهم عند البخاري (٣٦٩، ٤٣٦٣، ٤٦٥٥، ٤٦٥٦) كلهم عن الزُّهْرِيّ، بدون ذكر هذه الزيادة.
وفي بعض الطرق عند البخاري (٤٦٥٧) ومسلم (١٣٤٧): فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ.
فتَبَيَّنَ أن هذا القَدْر مدرج من قول حُمَيْد، وليس مما نودي به.
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه الطبري (٣/ ٤٤٤) وفي إسناده شَرِيكٌ النَّخَعي، وفيه ضعف، وقد تَفَرَّدَ به.
(٣) أسانيده ضعيفة: وله طرق عن ابن عباس، من أشهرها:
الأول: عن مِقْسَم: أخرجه الثوري في «تفسيره» (ص: ٦٢) وفي إسناده خُصَيْف، سيئ الحفظ.
الثاني: عن عكرمة: أخرجه الطبري (٣/ ٤٤٤) وفي إسناده إسماعيل بن أبي حَبيبة، ضعيف. وداود بن حُصَيْن، وهو ضعيف في عكرمة.
الثالث: عن علي بن أبي طلحة: أخرجه الطبري (٣/ ٤٤٤) وإسناده ضعيف؛ من أجل معاوية وعبد الله ابنَي] صالح.
الرابع: عن عطاء: عند الدارقطني (٢٤٥٨) وفي إسناده مقاتل بن سليمان، كذاب.

<<  <   >  >>