للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: فَأَخَذَ رَجُلٌ أحَدَ لَحْيَيِ الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي. فَأَتَيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأخْبَرْتُهُ. فَأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ -يَعْنِي نَفْسَهُ- شَأْنَ الْخَمْرِ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ} [المائدة: ٩٠]

ــ

وأموالهم وتركوا أوطانهم طلبًا لرضا الله ورسوله (قال) سعد: (فأخذ رجل) من الأنصار، وفي بعض الرواية (رجل منهم) بزيادة منهم أي من الأنصار، قال ابن بشكوال: الرجل الأنصاري عتبان بن مالك، وساق له شاهدًا، قال: وقيل: إنه حمزة بن عبد المطلب ذكره فتح بن إبراهيم، عن أبي الطيب الحريري البغدادي صاحب محمد بن جرير الطبري، واسم أبي الطيب أحمد بن سليمان اهـ تنبيه المعلم. وقال الشيخ ولي الدين قال الزهري: إن سعدًا كان هو الضارب اهـ تنبيه المعلم (أحد لحيي) تثنية لحي، واللحي منبت الأسنان السفلى يجتمعان في الذقن أي أخذ واحدًا من لحيي (الرأس) أي رأس الجزور، وفي القرطبي: ولحى الجمل بفتح اللام هو أحد فكي فمه وهما لحيان أعلى وأسفل والذي يمكن أن يؤخذ ويضرب به هو الأسفل اهـ من المفهم (فضربني) ذلك الرجل (به) أي بأحد اللحيين (فجرح بأنفي) أي أوقع الجراحة في أنفي (فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأنزل الله عزَّ وجلَّ فيَّ) بتشديد الياء بإدغام ياء الكلمة في ياء المتكلم (يعني) سعد بضمير فيّ (نفسه) تفسير من الراوي أي فأنزل الله سبحانه بسببي (شأن الخمر) بقوله: ({إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}) [المائدة: ٩٠] وتقدم الكلام على تحريم الخمر (والميسر) هو القمار وهو كل لعب تردد بين غنم وغرم (والأزلام) قداح أي سهام، وقيل: حصيات كانت الجاهلية تستقسم بها وتمضي الأمور على ما يخرج فيها (والأنصاب) جمع نصب وهو ما ينصب من الأصنام ليُعبد وهي أيضًا حجارة تنصب يذبح عندها لطواغيتهم (رجس) أي نجس وقد يأتي الرجس بمعنى النجس وما يستقذر ومنه قولهم في الخمر إنها رجس أي نجس، والرجس أيضًا بمعنى اللعنة ومنه قوله تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} اهـ من الأبي، وقد بسطنا الكلام في تفسيرنا في هذا المقام فراجعه.

وهذا الحديث قد مر تخريجه من المؤلف في الجهاد باب الأنفال، وشاركه أبو داود في الجهاد باب في النفل [٢٨٤٠]، والترمذي في تفسير سورة العنكبوت [٢١٨٩] وفي تفسير سورة الأنفال [٣٠٨٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>