الكلام في استخلاف المفضول. قوله:(إن كان لخليقًا للإمرة) رويناها بكسر الهمزة بمعنى الولاية، وقال أبو عبيد: يقال لك عليَّ أمرة مطاعة بفتح الهمزة، وكذلك حكاه القتيبي وهي واحدة الأمر. [قلت]: وهذا على قياس جَلسة وجِلسة بالفتح للمصدر والكسر للهيئة، والخليق والحري والقمن والحقيق كلها بمعنى واحد. قوله:(وإن كان لمن أحب الناس إليّ) إن عند البصريين مخففة من الثقيلة، واللام الداخلة بعدها هي المفرقة بين (إن) المخففة وبين (إن) النافية، وعند الكوفيين (إن) نافية واللام بمعنى إلا وهذا نحو قول عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية ترثي زوجها الزبير بين العوام رضي الله عنه وتدعو على عمرو بن جرموز قائلة:
تقديرها عند البصريين إنك قتلت مسلمًا، وعند الكوفيين ما قتلت إلا مسلمًا. وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إخبار عن محبته لزيد رضي الله عنه ثم أخبر عن محبته لأسامة فقال:"وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده" وكان أسامة الحب ابن الحب وبذلك كان يدعى ورضي الله عن عمر بن الخطاب لقد قام بالحق وعرفه لأهله، وذلك أنه فرض لأسامة في العطاء خمسة آلاف ولابنه عبد الله بن عمر ألفين، فقال له عبد الله: فضلت عليّ أسامة وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال عمر رضي الله عنه: إن أسامة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، ففضل محبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبوبه وهكذا يجب أن يحب ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبغض ما أبغض، وقد قابل مروان هذا الحب الواجب بنقيضه وذلك أنه مر بأسامة بن زيد وهو يصلي عند باب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مروان: إنما أردت أن يُرى مكانك فقد رأينا مكانك فعل الله بك وفعل قولًا قبيحًا فقال له أسامة: إنك آذيتني وإنك فاحش متفحش وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يبغض الفاحش المتفحش" رواه أحمد [٥/ ١٢٥٢]، وابن حبان [١٥٦٩٤] في الإحسان، فانظر ما بين الفعلين وقس ما بين الرجلين، فلقد آذى بنو أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحبابه وناقضوه في محابه اهـ من المفهم.