الموجب لذلك وهو ما يعلمه من صلاحه وفضله، وقد ظهر ذلك عليه فإنه لم يدخل في شيء من الفتن فسلمه الله تعالى من تلك المحن إلى أن تُوفي في خلافة معاوية سنة سبع وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين رضي الله عنه اهـ من المفهم.
[تنبيه]: لما روى موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أحب الناس إليّ أسامة" فما حاشا فاطمة ولا غيرها وهذا يعارضه ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب الناس إليّ عائشة ومن الرجال أبوها" ويرتفع التعارض من وجهين أحدهما أن الأحاديث الصحيحة المشهورة إنما جاءت في حبه لأسامة ب (من) التي للتبعيض كما قد نص عليه بقوله هنا: "إنه لمن أحب الناس إليّ" وقد رواه هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أسامة بن زيد أحب الناس إليّ أو من أحب الناس إليّ" فعلى هذا يحمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحب الناس إليّ أسامة" فأسقطها بعض الرواة. والوجه الثاني على تسليم أن صحيح الرواية بغير من فيرتفع التعارض بأن كل واحد من هؤلاء أحب بالنسبة إلى عالمه وبيان ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يحب هؤلاء من حيث الصورة الظاهرة فإن أسامة كان أسود أفطس وإنما كان يحبهم من حيث المعاني والخصائص التي كانوا موصوفين بها فكان أبو بكر رضي الله عنه أحب إليه من حيث إنه كان من أهلية النيابة عنه والخلافة في أمته ما لم يكن لغيره، وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها أحب النساء إليه من حيث أن لها من العلم والفضيلة ما استحقت به أن تفضل على سائر النساء كما فُضل الثريد على سائر الطعام، وكان أسامة رضي الله عنه أيضًا أحب إليه من حيث إنه كان قد خص بفضائل ومناقب استحق بها أن يكون أحب الموالي إليه فإنه أفضلهم وأجلهم اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة وهو فضل عبد الله بن جعفر بحديثه رضي الله عنه ويُكنى أبا جعفر، وأمه أسماء بنت عميس، ولدته بأرض الحبشة وهو أول مولود من المسلمين وُلد بها، وتوفي بالمدينة سنة ثمانين وهو ابن تسعين سنة، وكان عبد الله كريمًا جوادًا طريفا حليمًا عفيفًا سخيًّا، يُسمى ببحر الجود يقال: إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه، وعوتب في ذلك فقال: إن الله عوّدني عادة وعوّدت الناس