بالعمل والخدمة والشغل فكانت زينب تعمل بيديها عمل النساء من الغزل والنسيج وغير ذلك مما جرت به عادة النساء بعمله والكسب به، وكانت تتصدق بذلك وتصل به ذوي رحمها وهي التي كانت أطولهن يدًا بالعمل والصدقة وهي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها:"أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدًا" وسيأتي إن شاء الله تعالى في مناقبها، وفي الحديث ما يدل على جواز صدقة المرأة مما تكسبه في بيت زوجها من غير أمره اهـ من المفهم، وقال القاضي عياض: وقد أثنت عليها عائشة بهذه الخصال الحميدة ففيه جواز اعتمال المرأة بيدها وكسبها في بيت زوجها والصدقة بإذنه أو بغير إذنه اهـ من الأبي، وأثنت عليها عائشة رضي الله تعالى عنهما بهذه الأخلاق الكريمة فكأن عائشة قالت فلها أخلاق كريمة وخصال شريفة (ما عدا سورة) وسرعة وعجلة (من حدة) وغضب، وقوله:(كانت) تلك السورة والعجلة (فيها) أي في زينب في محل النصب صفة لسورة وكذا قوله: (تسرع منها الفيئة) أي الرجوع صفة ثانية لسورة أي ما عدا سورة من حد أي سرعة من غضب تسرع زينب الفيئة والرجوع منها أي من تلك السورة، تعني عائشة أنها سريعة الغضب لشدة خلقها سريعة الرجوع منه، والسورة الشدة والثوران والحد بفتح الحاء وتشديد الدال بمعنى الحدة بكسر الحاء في آخره هاء، وقد وقع في بعض النسخ بهذا اللفظ، والحدة هنا بمعنى الغضب والمراد أن زينب كانت فيها خصال محمودة غير أنها كانت سريعة الغضب.
قوله:(تسرع منها الفيئة) والفيئة الرجوع والمعنى أنها كما كانت تسرع إلى الغضب تسرع إلى الهدوء أيضًا فهي سريعة الغضب سريعة الهدوء اهـ من التكملة.
قال القرطبي: وقولها: (ما عدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة) ما عدا وما خلا من أدوات الاستثناء وهما مع ما فعلان ينصبان ما بعدهما على الأفصح المشهور ومع عدم (ما) حرفا جر يخفضان ما بعدهما لأنهما حرفان من حروف الجر على الأعرف الأشهر، والسورة بفتح السين الشدة والثوران ومنه سورة الشراب أي قوته وحدّته أي يعتريها ما يعتري الشارب من الشراب، ويروى هذا الحرف (ما عدا سورة حد) بفتح الحاء من غير تاء تأنيث أي سرعة غضب، والفيئة الرجوع ولأجل هذه الحدة وقعت بعائشة واستطالت عليها أي أكثرت عليها من القول والعتب وعائشة رضي الله تعالى عنها ساكتة تنتظر الأذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتصار فلما