حفصة، ولذلك تحيلت حفصة حتى سار وتحدث معها فيحتمل أن هذا القدر لا يجب القسم فيه إذ الطريق ليس محل خلوة ولا يحصل لها به اختصاص، ويحتمل أن يقال: إن القدر الذي يقع فيه التسامح من السير والتحدث مع إحداهما هو الشيء اليسير كما يفعل في الحضر فإنه يتحدث ويسأل وينظر في مصلحة بيت التي لا يكون في نوبتها ولكن لا يكثر من ذلك ولا يطيله وعلى هذا فيكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أدام ذلك لأن أصل القسم لم يكن واجبًا عليه والله أعلم اهـ من المفهم. ولم يختلف الفقهاء في أن الحاضرة لا تحاسب المسافرة فيما مضى لها مع زوجها في السفر وكذلك لم يختلفوا في أنه يقسم بين الزوجات في السفر كما يقسم بينهن في الحضر، وقد ذكرنا الاحتمال الذي في السير والحديث اهـ منه (فقالت حفصة لعائشة: ألا) بالتخفيف أداة عرض وهو الطلب برفق ولين نظير قولهم ألا تنزل عندنا فتصيب خيرًا أي ألا (تركبين) هذه (الليلة بعيري وأركب بعيرك فتنظرين) بعيري (و) أنا (أنظر) بعيرك (قالت) عائشة: (بلى) أركب بعيرك وتركبين بعيري (فركبت عائشة على بعير حفصة وركبت حفصة على بعير عائشة فجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم) رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفصة (ثم صار معها) أي مع حفصة يتحدث معها (حتى نزلوا) آخر الليل للتعريس (فافتقدته عائشة) أي ففقدت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة.
وقول حفصة لعائشة:(ألا تركبين بعيري) .. إلخ هذا حيلة منها تمت لها على عائشة لصغر سن عائشة وسلامة صدرها عن المكر والحيل إذ لم تجرب الأمور بعد ولا درك ولا تبعة على حفصة فيما فعلت من جهة أنها أخذت حقًّا هو لعائشة لأن السير والحديث إن لم يدخل في القسم فهي وعائشة فيه سواء، فأرادت حفصة أن يكون لها حظ من الحديث والسير معه، وإن كان ذلك واجبًا فقد توصلت إلى ما كان لها وإنما يكون عليها الدرك من حيث إنها خالفت مراد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه فقد يريد أن يحدّث عائشة حديثًا يسرّ به إليها أو يختص بها فتسمعه حفصة وهذا لا يجوز