(فنهاني قومي) من كشفه ولم ينهه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كشفه دلالة على جوازه، ويحتمل أن يكون نهيهم خشية أن يزيد ذلك حزنًا وبكاء على جابر لأنه كان يبكي عندئذٍ كما هو مصرح في الرواية الآتية ولم ينهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من شدة اشتياقه إلى رؤيته ولأن ذلك ربما يؤدي إلى التسلية (فرفعه) أي رفع أبي (رسول الله صلى الله عليه وسلم) بنفسه من مصرعه إلى محل الدفن (أو) قال جابر (أمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (به) أي برفعه إلى محل الدفن (فرُفع) أبي إلى محل الدفن بأمره صلى الله عليه وسلم والشك من ابن المنكدر فيما قاله جابر (فسمع) رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رفعوه من مصرعه إلى موضع الدفن (صوت باكية) عليه بلا رفع صوت (أو) قال جابر فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت (صائحة) أي نائحة عليه برفع صوتها، والشك أيضًا من المنكدر، قال جابر:(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هذه) الباكية أو هذه الصائحة (فقالوا) أي فقال قومه هذه الباكية (بنت عمرو) بن حرام أخت عبد الله بن عمرو عمة جابر اسمها فاطمة بنت عمرو كما سيأتي (أو) قالوا له: (أخت عمرو) بن حرام عمة عبد الله بن عمرو (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للقوم: (ولم تبكي) بكسر اللام وفتح الميم كذا صحت الرواية بـ (لم) التي للاستفهام بغير نون علامة الرفع في تبكين لأنه استفهام لمخاطب عن فعل غائبة ولو خاطبها بالاستفهام خطاب الحاضرة لقال ولم تبكين بإثبات النون وكذلك جاء في رواية أخرى (أو لا تبكيه) أي ولأي سبب تبكي هذه الباكية أيها المخاطب فإنه شهيد قُتل في سبيل الله فهو في الجنة (فـ والله (ما زالت الملائكة) أي ملائكة الرحمة (تظله بأجنحتها) إكرامًا له (حتى رُفع) من هذا الموضع إلى مدفنه، قال القاضي: يحتمل أن ذلك لتزاحمهم عليه لبشارته بفضل الله تعالى ورضاه عنه وما أعد له من الكرامة عليه ازدحموا عليه إكرامًا له وفرحًا به أو أظلوه من حر الشمس لئلا يتغير ريحه أو جسمه. وفي الحديث منقبة عظيمة لعبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه وروى مالك في الموطأ