المعنى تظل جيادنا متمطرات للعرق لشدة جريها وعدوها حالة كونها تمسح النساء العرق عنها بخمرهن قال السنوسي الجياد جمع جواد الخيل ومتمطرات أي سائلات بالعرق لشدة الجري يعني أن هذه الخيول لكرمها على أهلها تبادرها النساء فتمسح وجوه هذه الخيل بخمرهن اهـ والخمر جمع خمار وهو ما تستر به المرأة رأسها قال القرطبي: الجياد الخيل متمطرات يعني بالعرق من شدة الجري والرواية المشهورة "يلطمهن" من اللطم وهو الضرب في الخد يعني أن هذه الخيل لكرمهن في أنفسهن ولعزتهن عليهم تبادر النساء إليها فيمسحن وجوه هذه الخيل بالخمر وكان الخليل يروي هذه اللفظة يُطلّمهن بتقديم الطاء على اللام ويجعله بمعنى ينفض وقال ابن دريد اللطم ضربك خبز الملة بيدك لينتفض ما به من الرماد.
ثم ذكر السابع منها بقوله:
(فإن أعرضتموا عنَّا اعتمرنا ... وكان الفتحُ وانكشف الغطاءُ)
قال الأبي ظاهر هذا كما قال ابن هشام أن حسَّان قال هذه القصيدة قبل الفتح في عمرة الحديبية حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت وقال ابن إسحاق إن حسّان قاله في فتح مكة وفيه بعد والمعنى فإن أعرضتم أيها المشركون عن قتالنا وخليتم بيننا وبين بيت الله تعالى (اعتمرنا) أي أدينا العمرة وأتممنا عملها وهي في الشرع زيارة البيت الحرام بالأعمال المخصوصة المعروفة والفرق بينها وبين الحج أن العمرة تكون للإنسان في جميع السنة كلها والحج في وقت واحد من السنة ولا يكون إلا مع الوقوف بعرفة يوم عرفة وهي مأخوذة من الاعتمار وهو الزيارة "وكان الفتحُ" أي وحصل فتح مكة لنا (وانكشف الغطاءُ) أي زال الحجاب عما وعد الله به نبيه من فتح مكة عليه صلوات الله وسلامه. ثم ذكر الثامن منها بقوله:
(والا فاصبروا لضراب يوم ... يعز الله فيه من يشاءُ)
(وإلا) أي وإن لم تعرضوا (عنا) أي عن صدنا من بيت الله تعالى ودمتم على صدكم إيانا. (فاصبروا لضراب يوم) أي فاصبروا على شدة بطشنا وضراب سيوفنا في يوم (يعز الله فيه) وينصر (من يشاءُ) نصره وعزه قال القرطبي هذا من باب إلهام العالم