لأن حسان قد علم أن الله قد أعز نبيه وقد قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} إلى غير ذلك من الآيات قوله: "لضراب" بكسر الضاد مصدر قياسي لضارب الرباعي بمعنى المضاربة والقتال يفيد المشاركة من الجانبين وقوله: "يعز الله فيه من يشاء" فيه من المحسنات البديعية تجاهل العارف والمقصود منه أن الله يعز المسلمين ولكنه لم يصرح بذلك تجاهلًا.
وقد ذكر التاسع منها بقوله:
(وقال الله: قد أرسلت عبدًا ... يقول الحق ليس به خفاءُ)
(وقال الله) جل وعز في كتابه (قد أرسلت عبدًا) من عبادي إلى المكلفين كافة (يقول) ذلك العبد الدين (الحق) أي القويم (ليس به) أي ليس في ذلك الدين أي في حقيته (خفاءُ) أي إشكال حيث قال في القرآن الكريم: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)} إلى غير ذلك.
وقد ذكر العاشر منها بقوله:
(وقال الله: قد يسرت جندًا ... هم الأنصارُ عرضتها اللِّقاءُ)
أي (وقال الله) سبحانه وتعالى أيضًا في كتابه (قد يسرت) وسخرت مع ذلك العبد المرسل (جندًا) لنا (هم الأنصار) والمهاجرون (عرضتها) بضم العين أي مقصدها ومطلبها (اللقاء) أي لقاء قوم المشركين وصناديدهم وقتالهم لإعزاز دين الله ونصرته مع نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [الحشر: ٨ - ٩]، إلى غير ذلك من الآيات قوله:"عرضتها" قال القاضي عياض عرضتها بضم العين قصدها فيقال اعترضت عرضه أي قصدت قصده وقد يكون عرضتها بمعنى صولتها وقوتها في اللقاء يقال فلان عرضة لكذا أي قوي عليه والمعنى عرضتها أي قصدها وهمتها لقاؤكم أيها المشركون يعني أنهم لما عاندوا نصر الله سبحانه نبيه صلَّى الله عليه وسلم