(يبارين الأعنَّة مصعدات ... على كتافها الأسل الظماءُ)
وقوله (يبارين) أي يأكلن بأضراسهن (الأعنة) أي ألجمة الحديد في محل النصب معطوفة على جملة قوله تثير النقع على كونها حالًا من مفعول ترون مأخوذ من برى القلم إذا صلحه بالسكين ويُروى (يبارعن الأعنة) أي يفقنها في الصلابة وقال القاضي الأول هو رواية الأكثرين ومعناه أنها لصرامتها وقوة نفوسها تضاهي أعنتها بقوة جبذها لها وهي منازعتها لها وقال الأبي نقلًا عن القاضي يعني أن الخيول لقوتها في نفسها وصلابة أضراسها تُضاهي أعنتها الحديد في القوة وقد يكون ذلك في مضغها الحديد في الشدة ويجوز أن يكون المعنى كما في اللسان يعارضنها في الجذب لقوة نفوسها وقوة رؤوسها وعلك حدائدها قال القاضي ووقع في رواية ابن الحذاء "يبارين الأسنة" وهي الرماح قال فإن صحت هذه الرواية فمعناها أنهن يضاهين قوامها واعتدالها وقال البرقوقي مباراتها الأسنة أن يضجع الفارس رمحه فيركض الفرس ليسبق السنان "والأعنَّة" جمع عنان بكسر العين كلجام وزنًا ومعنىً وهو سير اللجام الذي تمسك به الدابة وقوله (مصعدات) حال من فاعل يبارين أي حالة كونها مقبلات إليكم ومتوجهات من أصعد في الأرض إذا ذهب فيها مبتدئًا ولا يقال للراجع (على أكتافها) جمع كتف وهو ما بين العنق والعضد (الأسل) بفتحتين الرماح (الظماءُ) جمع ظمئ أي العطاش لدماء الأعداء وفي بعض الروايات "الأسد الظماء" جمع أسد شبه راكبيها بالأسد لشجاعتهم وصولتهم.
ومعنى البيت عدمنا خيلنا إن لم تروها أيها المشركون حالة كونها ترفع الغبار بحوافرها إلى السماء وحالة كونها يأكلن ألجمتها بأضراسها حالة كونها متوجهات إليكم على أكتافها الرماح العطاش لدماء الأعداء. ثم ذكر السادس منها بقوله:
(تظل جيادنا متمطرات ... تلطمهن بالخمر النساءُ)
(تظل جيادنا متمطرات) أي تكون خيولنا طول النهار مسرعات يسبق بعضها بعضًا وجملة تظل مستأنفة وجملة قوله: (تلطمهن بالخمر النساء) حال من الضمير المستكن في خبر تظل أي حالة كون تلك الجياد تمسح النساء العرق والغبار بخمرهن عن وجوههن أو