الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد) أي الرجوع إلى الله بحكم الوعد الصادق فيُجازي كلًّا على قوله وفعله إن شرًّا فشر وإن خيرًا فخير اهـ من المفهم قال الحافظ في الفتح [٥/ ٢٨] فيه حذف تقديره وعند الله الموعد لأن الوعد إما مصدر أو ظرف زمان أو ظرف مكان وكل ذلك لا يخبر به عن الله تعالى ومراده أن الله تعالى يحاسبني إن تعمدت كذبًا ويحاسب من ظنَّ بي السوء إن لم أكن كذلك وقال النووي الكلام على حذف مضاف من الأول والتقدير ولقاء الله ومجازاته موعود به فيجازي كلًّا بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر وقال القاضي عياض معناه الله سبحانه يحاسبني إن تعمدت كذبًا وحسيب من يظن بي السوء.
وقال القسطلاني: معناه يوم القيامة يظهر أنكم على الحق في الإنكار على أو أني عليه في الإكثار والجملة معترضة ولا بد في التركيب من تأويل لأن مفعلًا للمكان أو الزمان أو للمصدر ولا يصح هنا إطلاق شيء منها على الله لأنه ذات فلا بد من إضمار أو تجوّز يدل عليه المقام قاله البرماوي كالكرماني والجملة معترضة "قلت" في الكلام حذف من الأول وتأويل في الثاني والتقدير وحكم الله بين عباده أي فصله بين عباده المختلفين موعود به آت فلا تستعجلوه والجملة معترضة أتى بها لتأكيد الكلام والله أعلم.
ولكنِّي (كنت) أنا (رجلًا مسكينًا) ليس له شاغل من الدنيا (أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم الدال من باب نصر (على ملء بطني) أي مع كف نفسي عن طلب المال الذي يشغلني عن ملازمته صلى الله عليه وسلم والاقتناع بما حصل لي من القوت الضروري قال السنوسي معناه أي ألازمه صلَّى الله عليه وسلم مقتنعًا بقوتي بلا طلب مال أدخره زيادة على ذلك بل إذا حصل لي القوت من وجه مباح اكتفيت به ولا أطلب زيادة عليه وليس المعنى أنه كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق الإجارة أو كان طعامه أجرة خدمته والله أعلم اهـ منه بزيادة وتصرف (وكان المهاجرون) من أصحابه صلى الله عليه وسلم (يشغلهم) عن ملازمته صلَّى الله عليه وسلم (الصفق) أي العقود