والخلافات (أكرههم) وأبغضهم (لها قبل أن يقع فيه) يعني إذا كانت كراهية لها لعلّة تعظيم حقوقها وصعوبة العدل فيها ولخوفه من مطالبة الله تعالى بالقيام بذلك كله ولذلك قال فيها (نعمت المرضعة وبئست الفاطمة) رواه أحمد [٢/ ٤٤٨ و ٤٧٦] والبخاري [٧١٤٨] ويؤيد ذلك ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم "ما من أمير عشيرة إلا يؤتى يوم القيامة مغلولًا حتى يفكه العدل أو يوبقه الجور" رواه أحمد [٢/ ٤٣١ و ٥/ ٢٨٥](وتجدون من شرار النَّاس) فمن زائدة أيضًا على مذهبهم أي تجدون أخس الناس وأضرهم وأقبحهم وأظلمهم في هذا الأمر (ذا الوجهين) وفسّره بقوله أي (الذي يأتي هؤلاء) الخصوم (بوجه وهؤلاء بوجه) آخر وإنما كان ذو الوجهين شرّ الناس لأنّ حاله حال المنافقين إذ هو متملّق بالباطل والكذب يدخل الفساد بين الناس والشرور والتقاطع والعداوة والبغضاء اهـ من المفهم.
ويحتمل أن يكون المراد من الأمر هنا الإسلام والمعنى أن من أكره الناس للإسلام في الجاهلية فمن زائدة أيضًا أي إن أمره الناس للإسلام في الجاهلية إذا وفقه الله للإسلام كان إسلامه خيرًا من إسلام غيره كما كان ذلك من عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وغيرهم من مسلمة الفتح وغيرهم ممن كان يكره الإسلام كراهيةَ شديدةَ ثمّ لما دخل فيه أخلص وأحبّه وجاهد فيه حق جهاده قوله "وتجدون من شرّ الناس ذا الوجهين" سببه ظاهر لأنه نفاق محض وكذب وخداع وتحيل على اطلاعه على أسرار الطائفتين وهو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها ويظهر لها أنه منها في خير أو شر وهي مداهنة محرمة اهـ نووي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٥٢٤] والبخاري في مواضع منها في الأنبياء [٣٣٨٣] وفي التفسير [٣٣٥٣ و ٣٣٧٤ و ٣٣٨٢ و ٤٦٨٩].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
٦٣٠٥ - (٠٠)(٠٠)(حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي