في أمورهم يقال أوصيته فاستوصى أي قبل الوصية ولعل المناسبة بين تسمية القيراط وبين الوصية بهم أن القوم لهم دناءة وفحش في لسانهم فإذا استوليتم عليهم فأحسنوا إليهم بالعفو ولا يحملنكم سوء أقوالهم على الإساءة بهم اهـ مبارق (فإن لهم) أي لأهل مصر (ذمّة) أي أمانًا واحترامًا بعقد الذمة لهم بعد الفتح لها بالصلح قال القاضي عياض ويحتمل أنه أراد ذمة العهد التي دخلوا بها في ذمة الإسلام أيام عمر فإن مصر فتحت صلحًا إلا الإسكندرية اهـ إكمال المعلم.
قال القرطبي: الذمة الحرمة والذمام الاحترام وقد يكون لعهد سابق كعهد أهل الذمة وقد يكون ابتداء إكرام لهم وهذا هو المراد بالذمة والله أعلم إذ لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم لأهل مصر عهد سابق وإنما أراد أن لهم حقًّا لرحمهم أو صهرهم كما صرّح به بما عطف عليه من قوله (ورحمًا) وفي الرواية الآتية أو قال "ذمةً وصهرًا" قال النووي أما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم وأما الصهر فلكون مارية أم إبراهيم منهم وفيه معجزات ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها إخباره بأن الأمة تكون لهم قوة وشوكة بعده بحيث يقهرون المعجم والجبابرة ومنها أنهم يفتحون مصر ومنها تنازع الرجلين في موضع اللبنة ووقع كل ذلك فله الحمد اهـ (فإذا رأيتم) فيها (رجلين يقتتلان) أي يتخاصمان (في) أرض (موضع لبنة) أي قدر طوبة لقلتها (فاخرج) أيها المخاطب وكان مقتضى السياق فاخرجوا منها ولكن أفرد الفعل إشارة إلى أن المأمور بالخروج الرائي فقط لا كل الناس إذ لا يمكن لتعطل الأرض عن إحيائها وكان الخطاب مع أبي ذر قال حرملة بن عمران (فمرّ) عبد الرحمن بن شماسة (بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها) أي من مصر.
قال القرطبي: قوله "فإن لهم ذمةً ورحمًا" ويحتمل أن يكون معناه أنهم يكون لهم عهد بما يعقد لهم من ذلك حين الفتح وهذا التأويل على بعده يعضده ما رواه ابن هشام من حديث عمر مولى غفرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله الله في أهل المدرة السوداء السحم الجعاد فإن لهم نسبًا وصهرًا ذكره ابن هشام في السيرة النبوية [١/ ٦] قال