الدهر ويواصل الأيام ويحيي الليل وربما قرأ القرآن كله في ركعة الوتر وفيه منقبة لابن عمر لأنه شهد بما يعلم به من خير ابن الزبير وأبطل ما أشاع عليه الحجاج وشيعته من قولهم فيه إنه عدو الله وظالم فأراد ابن عمر تبرئته من ذلك وإعلام الناس بمحاسنه مع علمه بأن كلامه يصل إلى الحجاج ولم يكترث به ولا خافه وقوله "وصولًا للرحم" بفتح الواو مبالغة في الواصل يعني أنه كان يصل الأرحام ويبالغ في ذلك قال القاضي عياض هذا أصح مما نسب إليه أهل الأخبار من البخل لإمساكه مال الله تعالى عمن لم يستحقه من الشعراء وغيرهم وقد عدّه صاحب كتاب الأجواد فيهم وهو الذي يشبه أفعاله وشيمته اهـ.
قوله (أما والله لأمة أنت أشرّها) يعني بهم الذين كانوا معه (لأمة خير) قال القرطبي يعني بذلك أنهم إنما قتلوه وصلبوه لأنه شر الأمة في زعمهم مع ما كان عليه من الفضل والدين والخير فإذا لم يكن في تلك الأمة شر منه فالأمة كلها أمة خير وهذا الكلام يتضمن الإنكار عليهم فيما فعلوه به (ثم نفذ عبد الله بن عمر) أي انطلق وانصرف من ذلك الموقف الذي وقف عند ابن الزبير (فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر) أي وقوفه عند ابن الزبير (وقوله) أي قول ابن عمر في ذلك الموقف مخاطبًا لابن الزبير من قوله لأمة أنت أشرها لأمة خير (فأرسل) الحجاج (إليه) أي إلى ابن الزبير. (فأُنزل) ابن الزبير (عن جذعه) الذي صلب عليه وظاهر هذا أنه إنما أنزله عن الخشبة لقول عبد الله بن عمر وموقفه وقد نقل أن إنزاله كان عن سؤال عروة لعبد الملك بن مروان في ذلك فيجوز أن يكون قد اجتمع إذن عبد الملك وموقف عبد الله بن عمر فكان إنزاله عنهما (فأُلقي) ابن الزبير بعد إنزاله من الخشبة أي رمي (في قبور اليهود) وقبور اليهود إنما كانت في المدينة لا في مكة فقوله سابقًا "على عقبة المدينة" على ظاهره كأنه نقل إليها وكانت قبور اليهود بمكة أيضًا والمراد بالمقبرة إذًا القبور المنبوذة القليلة التي دفن فيها من دخل مكة من اليهود ومات فيها في الجاهلية وهي جمع قبر وليس المراد المقبرة المشهورة لليهود في مكة التي يدفن فيها موتى أهل مكة (ثم أرسل) الحجاج (إلى أمه) أي إلى أم ابن الزبير