عليه وسلم (فجاؤوا) أي جاء أهل القرية (بفؤوسهم) جمع فأس بالهمزة فيهما وهي الآلة المعروفة يحفر بها الأرض ويشق بها الحطب ويهدم بها الجدار (ومساحيهم) جمع مسحاة بكسر الميم وهي الآلة التي يكسح بها الطين أي يقلب بها التراب عن وجه الأرض عند الزراعة وتسمى بالمجرفة أيضًا لكن المسحاة ما كان من حديد والمجرفة ما كان من خشب مأخوذة من قولهم سحى الطين يسحيه من باب رمى ويسحوه من باب دعا إذا قشره وكسحه والمراد أن القوم زعموا أن جريجًا العابد هو الذي زنى بالمرأة فغضبوا عليه وأتوا إليه بهذه الآلات لهدم صومعته (فنادوه) بصوت رفيع (فصادفوه يصلَّي فلم يكلمهم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأخذوا) أي شرعوا (يهدمون ديره فلما رأى) جريج (ذلك) الهدم منهم (نزل إليهم) من عليها فقال لهم ما سبب هذا الهدم (فقالوا له سل هذه) المرأة عن سببه فإنها أخبرت لنا بأنك وقعت عليها وولدت منك الغلام وفي هذه الرواية حذف يأتي تفصيله في الرواية الآتية (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فتبسم) أي ضحك جريج ضحكًا بلا صوت أي كشر عن أسنانه الشفتين (ثم مسح رأس الصبي فقال) له (من أبوك) يا غلام (قال) الصبي (أبي) أي والدي (راعي الضأن) وفي هذا إثبات لكرامات الأولياء فإن تكلم هذا الصبي كان على سبيل الكرامة لجريج العابد رحمه الله تعالى وذكر ابن بطال احتمال أن يكون جريج نبيًّا فيكون كلام الصبي معجزة له وذكر في رواية البخاري في الصلاة أن اسم هذا الصبي بالوس ثم إن نسبة الأبوة إلى الراعي إنما وقعت على سبيل المجاز لأنه ولد من مائه لا على سبيل لحوق النسب به شرعًا وذكر الحافظ في الفتح [٦/ ٤٨٣] عن بعض العلماء أن بني إسرائيل كان من شرعهم أن المرأة تصدّق فيما تدعيه على الرجال ويُلحق به الولد وأنه لا ينفعه جحد ذلك إلا بحجة تدفع قولها اهـ.
(فلما سمعوا ذلك) الكلام (منه) أي من الصبي (قالوا) لجريج (نبني) ونعيد (ما هدمنا من ديرك) وصومعتك (بالذهب والفضة قال) جريج (لا) تبنوه بالذهب والفضة