للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُعْرِضُ هَذَا. وَخَيرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ"

ــ

اليمين عن هذا الذي جاء من اليسار (ويعرض هذا) الذي جاء من اليسار عن هذا الذي جاء من اليمين أي يعرض كل واحد منهما بجانبه عن الآخر. و (الهجر) بفتح الهاء وسكون الجيم وكذا (الهجران) بكسر الهاء لغة ترك الشيء كلامًا كان أو غيره وعرفًا ترك الشخص مكالمة الآخر إذا تلاقيا ثم اختلفوا في حد الهجران الممنوع بهذا الحديث فقال أكثر العلماء هو ترك السلام فمن بدأ بالسلام خرج من إثم الهجران كما دلّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث (وخيرهما) أي خير المتلاقيين (الذي يبدأ بالسّلام) هذا في الابتداء بالسلام أما رد السلام فهو واجب على كل حال فمن تركه حتى في ليلة واحدة حتى في مرة فهو آثم أما ترك الابتداء بالسلام بقصد الهجران فليس آثمًا ما لم يدم ثلاثة أيام وقيل لا يخرج عن إثم الهجران بمجرد السلام حتى يعود على ما كان عليه من المكالمة وهذا القول مروي عن الإمام أحمد بن حنبل وابن القاسم والقاضي عياض كما في فتح الباري [١/ ٤٩٦] والظاهر أن الهجران الممنوع هو ترك السلام والكلام جميعًا فلو سلم ثم قصد ترك الكلام معه حتى في مواضع الضرورة أو لم يجبه حينما خاطبه بشيء كان ذلك من الهجران الممنوع ومجرد الاكتفاء بالسلام لا يخرجه من الهجران لأن القصد بترك الكلام معه بعد السلام مما يؤذي صاحبه والمقصود من الحديث التجنب عن إيذاء أخيه أما قوله صلى الله عليه وسلم "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" فإنه ليس معناه الاقتصار على السلام وإنما خرج الحديث مخرج الغالب فإن المسلمين يفتتحون مكالمتهم بالسلام فالمعنى أن خيرهما من يبدأ بالكلام ويجعل السلام على الآخر فاتحة لكلامه معه لا أنه يسقم عليه ثم يعرض عنه لأنه حينئذ يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم "يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٥/ ٤٢٢] والبخاري في الاستئذان باب السلام للمعرفة وغير المعرفة [٦٢٣٧] وفي الأدب باب الهجرة [٦٠٧٧] وأبو داود في الأدب باب فيمن يهجر أخاه المسلم [٤٩١١] والترمذي في البر والصلة باب ما جاء في كراهية الهجر للمسلم [١٩٣٣].

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>