للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّقْوَى ههُنَا" ويشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ. دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ"

ــ

وقوله: "ولا يحقره" بكسر القاف من باب ضرب كما مر أي لا يحتقره فلا ينكر على أحواله الخارجة عن اختياره كالدّمامة وقلة المال ودناءة النسب ولا يستصغر شخصيته ولا يستقلها ولو رأى منه منكرًا أنكر على فعله لا على شخصه ورواه بعضهم "ولا يخفره" أي لا يغدر عهده ولا ينقض أمانه والصواب المعروف هو الأول ثم قال صلى الله عليه وسلم (التقوى ها هنا و) الحال أنه (يشير إلى صدره ثلاث مرات) ومعنى هذا الكلام على ما فسره النووي أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته وقال القرطبي التقوى مصدر اتّقى تُقاة وتقوى وأن التاء فيه بدل من الواو لأنه من الوقاية والمتقي هو الذي يجعل بينه وبين ما يخافه من المكروه وقاية تقية منه ولذلك يقال اتقى الطعنة بدرقته وبترسه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة والمعنى اجعلوا هذه الأمور وقاية بينكم وبين النار وعلى هذا فالمتقي شرعًا هو الذي يخاف الله تعالى ويجعل بينه وبين عذابه وقاية من طاعته وحاجزًا عن مخالفته فإذًا أصل التقوى الخوف والخوف إنما ينشأ عن المعرفة بجلال الله وعظمته وعظيم سلطانه وعقابه والخوف والمعرفة محلهما القلب والقلب محله الصدر فلذلك أشار صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال التقوى والتقوى خصلة عظيمة وحالة شريفة آخذة بمجامع علوم الشريعة وأعمالها موصلة إلى خيري الدنيا والآخرة والكلام في التقوى وتفاصيلها وأحكامها وبيان ما يترتب عليها يستدعي تطويلًا قد ذكره أرباب القلوب الضافية في كتبهم المطولة وليس كتابنا محلًّا لها لأنه من المختصرات التي وضعت لبيان الأغراض المهمّة في هذا الجامع المبارك للطلاب رجاء منهم صالحَ الدعوة في الحياة وبعد الممات (بحسب امرئ من) جهة (الشرّ) والباء فيه زائدة وهو بإسكان السين لا بفتحها وهو خبر مقدم لمبتدأ منسبك من جملة قوله (أن يحقر أخاه المسلم) تقديره حسب امرئ من الشرّ احتقاره وإهانته أخاه المسلم أي كافيه من الشر ذلك فإنه النصيب الأكبر والحظ الأوفى ويفيد أن احتقار المسلم حرام اهـ من المفهم (كل المسلم) أي كل ماله من متعلقاته (على المسلم حرام) بسبب أخوة الدين وقوله (دمه) أي إراقة دمه (وماله) أي أخذ ماله (وعرضه) أي طعن

<<  <  ج: ص:  >  >>