دخل على أمّ السائب أو) قال الراوي (أُمّ المسيّب) بالشك من الراوي قيل إنَّها أنصارية لكن قال الحافظ ابن حجر في الإصابة [٤/ ٤٣٦] ذكرها ابن كعب في قبائل العرب بين المهاجرين والأنصار ولم أر أحدًا ذكر اسمها (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما لكِ) بكسر الكاف خطابًا للمؤنث أي أيُّ شيء ثبت لك (يا أُمَّ السائب أو يا أمّ المسيب) حالة كونك (تزفزفين) بضم التاء من زفزف الرباعي من باب زلزل وبفتحها من باب تدحرج ماضيه تزفزف مضارعه تتزفزف حذفت إحدى التاءين أي ترتعدين وتتحركين حركة شديدة (قالت) أمّ السائب له صلَّى الله عليه وسلم (الحمَّى) تزفزفني وتضطربني (لا بارك الله فيها فقال) لها النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسبِّي الحمَّى فإنها تُذهب خطايا بني آدم) وتزيلها (كما يُذهب الكير) بكسر الكاف منفاخ الحدّاد (خبث الحديد) ورديئه ووسخه.
قال القرطبي قوله:"تُزفزفين" جميع رواة مسلم روى هذه الكلمة بالزاي والفاء من الزفزفة وهي صوت حفيف الريح يقال زفزفت الريح الحشيش أي حرّكته وزفزف النّعام في طيرانه أي حرّك جناحيه ثم إن الرواية الصحيحة في مسلم بالزايين المعجمتين وقد رواه بعضهم برائين وفائين من الرفرفة وبعضهم برائين وقافين من الرقرقة قال أبو مروان بن سرّاج يقال بالقاف وبالفاء بمعنى واحد معنى ترعدين من الرّعدة وهي رعشة في الجسم تكون من فزع أو مرض قلت ورواية الفاء والزاي أشهر رواية وأصح معنى وذلك أن الحمّى تكون معها حركة ضعيفة وحس صوت يشبه الزفزفة التي هي حركة الريح وصوتها في الشجر وقالوا ريح زفزافة وزفزف وأما الرقرقة بالراء والقاف وهي التلألؤ واللمعان ومنه رقراق السّراب ورقراق الماء ما ظهر من لمعانه غير أنه لا يظهر لمعانه إلا إذا تحرك وجاء وذهب فلهذا حسن أن يقال مكان الزقراقة لكن تفارق الزفزفة الرقرقة بأنّ الزفزفة معها صوت وليس ذلك مع الرقرقة فانفصلا.
قوله "لا تسبّي الحُمّى" مع أنّها لم تصرح بسبّ الحمّى وإنما دعت عليها بـ "لا بارك الله فيها" غير أن مثل هذا الدعاء يتضمن تنقيص المدعوّ عليه وذمّه فصار ذلك