الجانب في القول والفعل والأخذ بالأسهل والدّفع بالأخفّ قوله "ويعطي على الرفق" أي يثيب عليه ما لا يثيب على غيره قال القاضي معناه يتأتى به من الأغراض ويسهل به من المطالب ما لا يتأتى ولا يسهل بغيره اهـ وقال الطبري يعطي عليه في الدنيا من الثناء على صاحبه وفي الآخرة من الثواب ما لا يُعطي على العنف قوله "ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف" بفتح العين وضمّها وكسرها مع سكون النون حكاهنّ القاضي قال القرطبي معناه إن الله تعالى يُعطي عليه في الدنيا من الثناء الجميل وفي الآخرة من الثواب الجزيل ما لا يعطي على العنف الجائز وبيان هذا بأن يكون أمرٌ ما من الأمور سوّغ الشرع أن يتوصّل إليه بالرفق وبالعنف فسلوك طريق الرفق أولى لما يحصل عليه من الثناء على فاعله بحسن الخلق ولما يترتب عليه من حُسن الأعمال وكمال منفعتها ولهذا أشار صلّى الله عليه وسلم بقوله ما كان الرفق في شيء إلا زانه وضدّه الخُرْق بضم الخاء وسكون الراء والاستعجال وهو مفسد للأعمال وموجب لسوء الأُحدوثة وهو المعبّر عنه بقوله "ولا نزع من شيء إلا شانه" أي عابه وكان شينًا وأما الخُرْق والعُنف فمفوتان مصالح الدنيا وقد يفضيان إلى تفويت ثواب الآخرة ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "من يحرم الرفق يُحرم الخير" أي يُفضي ذلك به إلى أن يحرم خير الدنيا والآخرة اهـ من المفهم.
"فائدة" واعلم أنه قد تقرر في غير ما موضع أن العلماء اختلفوا في أسماء الله تعالى هل الأصل فيها التوقيف فلا يسمّى إلا بما سمّى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله أو بجمع الأمّة عليه أو الأصل جواز تسميته تعالى بكل اسم حسن إلّا أن يمنع منه مانع شرعي ومثار هذا الخلاف على أن الألف واللام في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف: ١٨٠] هل هي للجنس أو للعهد ثم هل يكتفى في كون الكلمة اسمًا من أسماء الله تعالى بوجودها في كلام الشارع من غير تكرار ولا كثرة أم لا بد منهما فيه رأيان وقد سبق القول في ذلك في كتاب الإيمان في حديث إن الله جميل يحب الجمال اهـ من المفهم بتصرف وحذف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الأدب باب في الرفق [٤٨٠٨] وابن ماجه في الآداب باب الرِفْق [٣٧٢٣].
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث جرير بحديث آخر لعائشة رضي الله عنهما فقال: