للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَتَوَارَيتُ خَلْفَ بَابٍ. قَال: فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً. وَقَال: "اذْهَبْ وَادْعُ لِي مُعَاويَةَ" قَال: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلينا وأنا ألعب مع الصبيان (فتواريت) أي اختفيت واستترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (خلف باب) الدار استحياء منه وهيبةً له قوله "كنت ألعب مع الصبيان" فيه دلالة على جواز تخلية الصغير للعب لتنشط نفسه وتتقوى أعضاؤه وتتوقح رجلاه أي تتصلب قوله "فتواريت خلف باب" أي اختفيت منه بالباب وكأنه استحيا من النبي صلى الله عليه وسلم وهابه اهـ مفهم (قال) ابن عباس (فجاء) إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا خلف الباب (فحطأني) صلى الله عليه وسلم أي ضربني بكفّه مبسوطة الأصابع بين الكتفين (حطأة) أي ضربة قال النووي وهو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين وإنما فعل هذا بابن عباس ملاطفة وتأنيسًا له اهـ منه قال القرطبي قوله "فحطأني حطأة" فسره أمية بن خالد بقفذني قفذة بتقديم القاف وكلاهما يحتاج إلى تفسير فأما حطأني فهو بالحاء المهملة وبالهمزة على قول شمر وهو المحل في الصحاح وهكذا قيده أهل الإتقان والضبط وهو أن تضرب بيدك مبسوطة في القفا أو بين الكتفين وجاء به الهروي غير مهموز في باب الحاء والطاء والواو وقال ابنُ الأعرابي الحطو تحريك الشيء متزعزعًا وأما القفد بتقديم القاف على الفاء فالمعروف عند اللغويين أنه المشي على صدور القدمين من قبل الأصابع ولا تبلغ عقباه الأرض يقال رجل أقفد وامرأة قفداء من القفد بفتحتين "قلت" ولم أجد قفوني بمعنى حطأني إلا في تفسير أمية هذا وهذا الضرب من النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس تأديب له ولعله لأجل اختفائه منه إذ كان حقه أن يجيء إليه ولا يفرّ منه ويحتمل أن يكون هذا الضرب بعد أن أمره أن يدعو له معاوية فلم يؤكد على معاوية الدعوة وتراخى في ذلك ألا ترى قوله في المرتين هو يأكل ولم يزد على ذلك وكان حقه في المرة الثانية أن لا يفارقه حتى يأتي به والله تعالى أعلم ففيه تأديب الصغار بالضرب الخفيف الذي يليق بهم وبحسب ما يصدر منهم (وقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذهب وادع لي معاوية) بن أبي سفيان قال القرطبي وفيه استعمال الصغار فيما يليق بهم من الأعمال قال أبو داود ولا يقال إنه تصرف في صبي للغير لأن هذا أمر يسير جاء الشرع بالمسامحة فيه واطرد به العرف وعمل المسلمين اهـ أبي (قال) ابن عباس (فجئت) إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورجعت إليه (فقلت هو) أي معاوية (يأكل) الطعام أي يشتغل بالأكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>