يستحل أي فلا إيمان للساب إن استحله وإلا فلا، فيستحق التأديب بما يراه الإِمام كما قاله الإِمام مالك، وقال الأبي: السباب مصدر ساب من باب فاعل يقال سابه سبابًا ومساببة كقاتله يقاتله قتالًا ومقاتلة ثم يحتمل أنَّه بمعنى سب الثلاثي والمفاعلة ليست على بابها والإضافة حينئذ تصح أن تكون للفاعل أي سب المسلم المسلم وأن تكون للمفعول أي سب الرَّجل المسلم ويحتمل أنَّه على بابه من المفاعلة أي تشاتمهما فسق وخروج عن العدل إلى الظلم فيعارض حينئذ حديث"المتسابان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم" لأنه نص في أن إثم تشاتمهما إنما هو على البادئ فقط ويجاب بأن حديث السباب محتمل للمعنيين السابقين فيرد لذلك النص وإنما كان على البادئ لأنه المتسبب والآخر إنما هو مكافئ ولهذا قال"ما لم يعتد المظلوم" فيخرج حينئذ عن حد المكافأة وإثم المظلوم إنما هو تقديري فلا إثم عليه إن لم يعتد قال النووي والسب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيّبه والمحكم فيما هو سب العرف ومن قال لرجل يَا شارب الخمر أو يَا آكل الربا أو يَا خائن أو يَا حمار أو يَا ثور أو يَا كلب أو يَا خنزير أو يَا فاسق أو يَا فاجر أو يَا ابن الفاجرة عزَّر وإن قال له يَا فاجرًا بفلانة حدّ إلا أن يدعي مخرجًا مثل أن يراه ناظرًا لها أو مُقَبِّلًا فيحلف على أنَّه أراد ذلك فيعزر وجعل الشيخ ابن عرفة الهجاء من السب ويستثنى من السب ما كان للتأديب وهو ما أشار إليه النووي بقوله فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة وفاعله فاسق كما أخبر به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعقوبته التأديب لأنه إذاية، وقال مالك من آذى مسلمًا أدب وقال القاضي والفسوق لغة الخروج ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها وشرعًا الخروج عن حد العدل إلى الظلم وعن الطاعة إلى الجهالة ومعنى سباب المسلم فسوق أي خروج عن امتثال الشرع وواجبه وسمي الفاسق فاسقًا لخروجه عن ميزان الشرع وانسلاخه عن أعمال البر، وقال القرطبي: ومعنى (سباب المسلم فسوق) أي خروج عن الذي يجب عليه من احترام المسلم وحرمة عرضه وسبه.
(وقتاله) أي قتال المسلم لأجل إسلامه (كفر) أي خروج عن الملة وانسلاخ عن حكم الإِسلام والإيمان إن استحل ذلك أو جحد لنعمة أخوة الإِسلام التي جعلها الله سبحانه بينهم أو كفر لإحسانه ونعمته كفران الزوج أو يؤول به بشؤمه إلى الكفر أو من عمل أهل الكفر إن لم يستحل ذلك فهو عاص لا يخرجه عن الملة.