سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ مَسعود يَقُولُ: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ في بَطنِ أُمِّهِ وَالسعِيدُ مَن وُعِظَ بِغَيرِهِ، فَأَتَى رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ، يُقَالُ لَهُ حُذَيفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ. فَحَدَّثه بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسعود فَقَال: وَكَيفَ يَشقَى رَجُلٌ بِغَيرِ عَمَلٍ؟ فَقَال لَهُ الرَّجُلُ: أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ يَقُولُ: "إِذَا مَرَّ بِالنْطْفَةِ ثِنتانِ وَأَرْبَعُونَ لَيلَة،
ــ
عامر بن واثلة (سمع عبد الله بن مسعود يقول الشقي من شقي) أي من كتب عليه شقاوته وهو (في بطن أمه والسعيد من وُعظ) واعتبر (بغيره) أي بما حلّ بغيره من الأشقياء من العقوبة وانزجر عن المنهيات يعني أن الشقي مقدر شقاوته وهو في بطن أمه والسعيد مقدر سعادته وهو في بطن أمه والتقدير تابع للمقدر كما أن العلم تابع للمعلوم اهـ مناوي (فأتى) أي جاء عامر بن واثلة (رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له) أي لذلك الرجل أي يسمى ذلك الرجل (حذيفة بن أسيد) بفتح الهمزة وكسر المهملة (الغفاري) الكوفي رضي الله عنه (فحدّثه) أي فحدث عامر بن واثلة ذلك الرجل يعني حذيفة بن أسيد (بذلك) الحديث الذي سمع من ابن مسعود حالة كون ذلك الحديث الذي حدثه (من قول ابن مسعود) له الشقي من شقي في بطن أمه إلخ (فقال) عامر بن واثلة متعجبًا من قول ابن مسعود (وكيف يشقى رجل) في بطن أمه (بغير عمل) منه لأعمال الأشقياء من الشرك والمعاصي (فقال له) أي لعامر بن واثلة المتعجب من قول ابن مسعود (الرجل) الذي أتى إليه عامر فحدثه يقول ابن مسعود وهو حذيفة بن أسيد وإنما فسرنا هذا الرجل بالرجل الأول جريًا على القاعدة المشهورة عند البلغاء المذكورة في قول السيوطي في عقود الجمان:
ثم من القواعد المشتهرة ... إذا أتت نكرة مكرّرة
تغايرت وإن يعرف ثاني ... توافقا كذا المعرَّفان
أي فقال حذيفة بن أسيد لعامر بن واثلة (أتعجب) يا عامر (من ذلك) الحديث الذي قال لك ابن مسعود (من قوله) الشقي من شقي في بطن أمه وتستغربه فلا تعجب منه ولا تستغربه (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا مرّ بالنطفة) وهذا السند من سداسياته غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي الزبير لعمرو بن دينار والمراد بالنطفة هنا المضغة أي إذا مرَّ ومضى على المضغة (ثنتان وأربعون ليلة) بعد الأربعينات