الثلاث الأول التي كانت في حالة النطفة وفي حالة العلقة وفي حالة المضغة (بعث الله) سبحانه (إليها) أي إلى تلك النطفة التي صارت مضغة (ملكًا) آخر غير الملك الموكل بالرحم (فصورها) أي صور ذلك الملك تلك المضغة وشكلها بصورة آدمي وشكله وقوله (وخلق) أي شق (سمعها وبصرها) إلخ معطوف على صوّرها عطف تفسير (و) خلق جلدها (ولحمها وعظامها ثم قال) الملك (يا رب أكثر) هو (أم أنثى فيقضي ربك) أيها المخاطب (ما شاء) من ذكورته أو أنوثته (وبكتب الملك) يعني من اللوح المحفوظ ما شاءه من ذكورته أو أنوثته (ثم يقول) الملك (يا رب) ما (أجله) أي كم قدر أجله أو ما نهاية أجله والأجل كما من مدة أجلها الله لعباده في دار الفناء (فيقول ربك) الخطاب لمن يخاطبه الرسول بهذا الحديث أي يقضي ربك (ما شاء) في أجله (ويكتب الملك) أجله (ثم يقول) الملك (يا رب) ما (رزقه فيقضي ربك ما شاء) من رزقه والرزق ما يسوق إليه مما ينتفع به كالعلم والرزق حلالًا كان أو حرامًا قليلًا أو كثيرًا اهـ قسطلاني قال الطبري ليس المراد بهذا القضاء الإنشاء وإنما المراد به إظهاره للملائكة عليهم السلام ما سبق به علمه سبحانه وتعلقت به إرادته في الأزل (ويكتب) الملك ما شاءه ربه من رزقه من اللوح المحفوظ كما مر آنفًا (ثم يخرج الملك) من عند الجنين الذي صوّره وشق سمعه وبصره وكتب ماله من الأمور المذكورة (بالصحيفة) التي كتب فيها ما ذكر آخذًا لها (في يده) أي يخرجها من حال الغيبة عن هذا العالم إلى حال المشاهدة فيطلع الله تعالى بسبب تلك الصحيفة من شاء من الملائكة الموكلين بأحواله على ذلك ليقوم كل بما عليه من وظيفته حسبما سطر في صحيفته اهـ من الأبي (فلا يزيد) الملك في الكتابة (على ما أُمر) به في الكتابة مما شاءه الله تعالى (ولا ينقص) الملك في الكتابة عما شاءه الله تعالى في ذلك الجنين يعني حين كتبه من الله ما قدّر له أزلًا.
قال القرطبي قوله: "فإذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة" أو ثلاثة وأربعون أو خمسة