أن يلمّ بالشيء ولا يفعله وقيل الميل إلى الذنب ولا يصرّ عليه والظاهر أن كون النظر واللمس من الصغائر إنما هو إذا صدرت هذه الأفعال أحيانًا لا على سبيل العادة والاستمرار والله أعلم ومحصل كلام ابن عباس تخصيصه ببعضها ويحتمل أن يكون أراد أن ذلك من جملة اللمم كذا في فتح الباري (مما قال أبو هريرة) رضي الله عنه وحدَّث به من (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الله) عَزَّ وَجَلَّ (كتب على ابن آدم) أي قدَّر عليه أزلًا (حظه) أي نصيبه (من الزنا) سواء كان حقيقيًّا أو مجازيًا ومن فيه للبيان وهو مع مجروره حال من حظه يعني أن الله خلق لابن آدم الحواس التي بها لذة من الزنا وأعطاه القوى التي يقدر عليه وركز في جبلته حب الشهوات اهـ دهني قوله (أدرك ذلك لا محالة) بصيغة الماضي معطوف بعاطف مقدر على كتب ويكون بمعنى اسم الفاعل كما تدل عليه الرواية الآتية وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي فهو مدرك ذلك ولا محالة أي لا بد من وقوع ذلك منه اهـ من المفهم.
والمعنى أن الله سبحانه كتب وقدَّر في الأزل على ابن آدم حظه ونصيبه من الزنا سواء كان زنا الفرج أو زنا العين أو زنا اللمس فهو مدرك أي فاعل ذلك الحظ الذي كتب عليه لا محالة أي لا بد ولا محيص من وقوعه ثم بين ذلك الحظ بقوله (فزنى العينين النظر) إلى الأجنبية (وزنى اللسان النطق) أي الكلام مع الأجنبية (والنفس تمنَّى) أي تتمنى وتطمع في الزنا (وتشتهي) أي وتشتاق إليه (والفرج يصدّق ذلك) أي يحصل ذلك الذي تتمناه النفس ويفعله بالإيلاج (أو يكذِّبه) أي يكذب ذلك الذي تتمناه ويتركه ولا يفعله (قال عبد) بن حميد (في روايته) عن (بن طاوس عن أبيه سمعت ابن عباس) بصريح السماع لا بالعنعنة.
قال النووي معنى هذا الحديث أن ابن آدم قُدّر عليه نصيبه من الزنا فمنهم من يكون زناه حقيقيًّا بإدخال الفرج في الفرج الحرام ومنهم من يكون زناه مجازًا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها أو