في حَدِيثِ ابْنِ نُمَيرٍ:"مَا من مَوْلُودٍ يُولَدُ إلا وَهُوَ عَلَى الْمِلَّةِ"
ــ
هذا الرجل (يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني عن حكمه (لو مات) ذلك الولد (قبل ذلك) أي قبل جعله يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مشركًا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل (الله أعلم بما كانوا عاملين) لو كانوا أحياء هل يعملون بعمل أهل السعادة أو بعمل أهل الشَّقاوة وقد فسَّر العلماء جواب النبي صلى الله عليه وسلم بتفسيرين الأول أن الله تعالى يعلم قطعًا ما كانوا يعملون إن عاشوا بعد البلوغ فيحكم عليهم بحسب علمه فإن كان في علمه أن الولد الفلاني يكون كافرًا إن عاش صار معذبًا في النار وإن كان في علمه أنه يصير مسلمًا إن عاش بعد البلوغ كان من أهل الجنة وهذا التفسير ذهب إليه القرطبي كما نقل عنه الأبي رحمهما الله تعالى ولكن هذا التفسير لا يوافق ما ذهب إليه الجمهور من أن أطفال المشركين من أهل الجنة كما سيأتي إن شاء الله تعالى ولذلك ردّه جمهور العلماء. وتأوَّل فيه بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المشركين في الجنة والتفسير الثاني ذهب إليه الجمهور وهو أن الله أعلم بما كانوا عاملين إن عاشوا فلا تحكموا عليهم بشيء وحاصلة التوقف في أمرهم ومما يدل على صحة هذا التفسير ما أخرجه أحمد، عن ابن عباس قال كنت أقول في أولاد المشركين هم منهم حتَّى حدثني رجلٌ عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلقيته فحدّثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ربهم أعلم بهم هو خلقهم وهو أعلم بما كانوا عاملين فأمسكت عن قولي ذكره الحافظ في الفتح [٣/ ٢٤٧].
ثم ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٦٦٠٠ - (٠٠)(٠٠)(حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو غريب) محمَّد بن العلاء (قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا) محمَّد بن عبد الله (بن نمير حدثنا أبي كلاهما) أي كل من أبي معاوية وعبد الله بن نمير رويا (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي صالح عن أبي هريرة غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لجرير بن عبد الحميد ولكن (في حديث ابن نمير) وروايته لفظة (ما من مولود يولد) بصيغة المضارع (إلا وهو على الملّة)