أي من ليس سميعًا أي لا تدعون ربًا لا يسمع (ولا) ربًا (غائبًا) عنكم (إنكم تدعون) وتذكرون ربًا (سميعًا قريبًا) إليكم قربًا يليق بجلاله (وهو) سبحانه وتعالى (معكم) معية تليق بكماله يعني أن الله تعالى يسمع ويعلم من ذكره أو دعاه سواء كان ذكره أو دعاؤه خفيًا أو جهرًا.
وفي الحديث دلالة على استحباب الإسرار والمخافتة بالذكر والدعاء وهو موافق لقوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} ومن هنا ذكر العلماء أن الذكر الخفي أفضل من الذكر بالجهر وإن كان الجهر جائزًا بشرط أن لا يكون فيه رياءٌ أو إيذاء لأحد كنائم ومصل وقارئ ويستثنى منه رفع الصوت بالتكبير في الجهاد فإن المقصود منه على كونه ذكرًا مثابًا عليه إرهاب العدو وإلقاء الرعب في صدورهم وإنما نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم هنا عن رفع الصوت لأن هذا الجهر لم يكن بمحضر من العدو وإنما كان المقصود منه الذكر فقط والإخفاء في ذلك أفضل ولا سيما إذا كان بمحضر من أناس مشتغلين بأمورهم فإن ذلك ربما يؤدي إلى تعطيلهم عن أشغالهم، وقد ذكرنا أن الجهر في مثل هذا الحال لا يجوز والله تعالى أعلم.
(قال) أبو موسى: (وأنا) ماشٍ (خلفه) صلى الله عليه وسلم ووراءه قريبًا منه (وأنا أقول) أي والحال أني أقول وأذكر ذكرًا (لا حول ولا قوة إلا بالله) تعالى، قال القاضي عياض: هي كلمة استسلام وتفويض واعتراف بالعجز، ومعنى لا حول لا حيلة تعصمني عن معصية الله ولا قوة على طاعة الله إلا إذا كانا حاصلين لي بمعونة الله وتوفيقه سبحانه يقال مالي حيلة ولا حول ولا محالة ولا محتال إلا بالله، وقيل: الحول الحركة أي لا حركة لي إلا بالله، وقال ابن مسعود: معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله تعالى ولا قوة على الطاعة إلا بعون الله تعالى اه أبي مع زيادة وتصرف.
(فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الله بن قيس هل أدلك على كنز من كنوز الجنة) قال أبو موسى: (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (بلى) دلني عليه (يا رسول الله، قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل لا حول ولا قوة إلا بالله) إن