جرمه وذاته (وقال قتيبة) في روايته ظلمًا (كثيرًا) عدده، وقد تقدم أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه وظلم الإنسان لنفسه هو تركها مع هواها حتى يصدر عنها من المعاصي ما يوجب عقوبتها اه من المفهم. وفيه أن الإنسان لا يخلو عن تقصير ولو كان صدّيقًا (ولا ينفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة) صادرة (من عندك) أي من فضلك وجودك وكرمك، وغفران الذنوب هو سترها بالتوبة عنها أو بالعفو عنها أي فاغفر لي تفضلًا من عندك وإن لم أكن أهلًا لها وإلا فالمغفرة والرحمة وكل شيء من عنده تعالى وقد أكد ذلك قوله:(وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) أي لأنك كثير المغفرة والرحمة لا لأني أستحق ذلك اه مفهم.
قال الطيبي: قوله: (مغفرة) دل التنكير فيه على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرك كنهه ووصفه بكونه من عنده تعالى مريدًا لذلك العظم لأن الذي يكون من عند الله لا يحيط به وصف، وقال ابن دقيق العيد: إنه إشارة إلى طلب مغفرة متفضل بها لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره اه، قال القرطبي: وقد استحب بعض العلماء أن يدعى بهذا الدعاء في الصلاة قبل التسليم والصلاة كلها عند علمائنا محل للدعاء كير أنه يكره الدعاء في الركوع وأقربه للإجابة السجود كما قلناه، وقد قدمنا أنه يجوز أن يدعى في الصلاة بكل دعاء كان بألفاظ القرآن أو بألفاظ السنة أو غيرها خلافًا لمن منع ذلك إذا كان بألفاظ من عند الناس وهو أحمد بن حنبل وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى اه من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٢]، والبخاري في مواضع منها في كتاب الدعوات باب الدعاء في الصلاة [٦٣٢٦]، والترمذي في الدعوات [٣٥٢١]، والنسائي في السهو [١٣٠٢] وابن ماجه في الدعاء [٣٨٣٥].
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال رحمه الله تعالى:
٦٧٠٠ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنيه أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي