المصدر وهما متقاربان والمتعوذ منه أن يلحقه شقاء في الدنيا يتعبه ويثقله وفي الآخرة يعذّبه. والمعنى أعوذ بك من أن يدركني شقاء وخيبة (ومن شماتة الأعداء) وفرحهم بما نزل بي من البلاء والمصيبة، قال النووي: هي فرح العدو ببلية تنزل بعدوه يقال منه شمت يشمت من باب فرح فهو شامت وأشمته غيره، وقال القرطبي: وشماتة الأعداء هي ظفرهم به أو فرحهم بما يلحقه من الضرر والمصائب (ومن جهد البلاء) أي تعبه وضرره، قال القرطبي: يُروى بفتح الجيم وضمها هما لغتان بمعنى واحد، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جهد البلاء قلة المال وكثرة العيال. والمعنى إني أعوذ بك من أن يجهدني البلاء أي يجعلني في مشقة وتعب، قال ابن بطال وغيره: جهد البلاء كل ما أصاب المرء من شدة مشقة وما لا طاقة له بحمله ولا يقدر على دفعه والحق أن ذلك فرد من أفراد جهد البلاء اه فتح الباري [١١/ ١٤٩] قال القرطبي: وقد جاء هذا الدعاء مسجعًا كما ترى الآن لكن ذلك السجع لم يكن متكلفًا وإنما يكره من ذلك ما كان متكلفًا وإنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوات وتعوذ بهذه التعوذات إظهارًا للعبودية وبيانًا للمشروعية ليقتدى بدعواته ويتعوذ بتعويذاته والله تعالى أعلم اه من المفهم (قال عمرو) الناقد (في حديثه) وروايته (قال) لنا (سفيان) عندما حدّثنا هذا الحديث (أشك) أنا في (أني زدت واحدة منها) أي واحدة من هذه الدعوات الأربع على ما سمعته من شيخي سُميّ ولم أدر أيتهن هي، وفي رواية علي بن عبد الله عند البخاري قال سفيان: الحديث ثلاث زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي، مراده أن الحديث المرفوع مشتمل على ثلاث جمل من الجمل الأربع، والرابعة زادها سفيان بن عيينة من قبل نفسه ثم خفي عليه تعيينها، وأخرجه الجوزقي من طريق عبد الله بن هاشم عن سفيان فاقتصر على ثلاثة ثم قال: قال سفيان: وشماتة الأعداء، وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي عمر عن سفيان وبيّن أن الخصلة المزيدة هي شماتة الأعداء، وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق شجاع بن مخلد عن سفيان مقتصرًا على الثلاثة دونها وعرف من ذلك تعيين الخصلة المزيدة اه فتح الباري.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٤٦]، والبخاري في مواضع