للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَرَدَّدْتُهُنُّ لأَسْتَذكِرَهُنَّ فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. قَالَ: "قُلْ: آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ"

ــ

٢٤٧]، وأبو داود [٣١١٦] أي مات على دين الفطرة وهو الإسلام، وقيل: المراد منه فطرة أصحاب اليمين ووقع في رواية لأحمد (بُني له بيت في الجنة) وسيأتي في رواية أخرى (وإن أصبح أصاب خيرًا) أي صلاحًا في ذلك وزيادة في أجره وأعماله، قال القرطبي: هكذا قال الشيوخ في هذا الحديث، وفيه نظر لأنه إذا كان قائل هذه الكلمات المقتضية للمعاني التي ذكرها من التوحيد والتسليم والرضا إلى أن يموت على الفطرة كما يموت من قال: لا إله إلا الله ولم يخطر له شيء من تلك الأمور فأين فائدة تلك الكلمات العظيمة وتلك المقامات الشريفة فالجواب أن كلًا منهما وإن مات على فطرة الإسلام فبين الفطرتين ما بين الحالتين ففطرة الطائفة الأولى فطرة المقربين والصديقين وفطرة الثانية فطرة أصحاب اليمين اه من المفهم (قال) البراء بن عازب: (فرددتهن) أي كررتهن أي كررت هذه الكلمات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأستذكرهن) وأحفظهن على ظهر قلبي وأتذكرهن عندما أردتها (فقلت) في تكرارها لفظة (آمنت برسولك الذي أرسلت) بدل نبيك فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل) في هذه الكلمات (آمنت بنبيك الذي أرسلت) أي قل كما قلت لك أولًا فلا تغير عما قلت لك وإن كان مفادهما واحدًا.

قال الحافظ في الفتح [١١/ ١١٢] وأولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه وسلم على من قال (الرسول) بدل (النبي) أن ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به وهذا اختيار المازري قال: فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله قد أوحي بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها وهذا الوجه حسّنه النووي أيضًا، وبه يندفع الاستدلال بهذا الحديث على منع الرواية بالمعنى فإن الرواية بالمعنى إنما يجوز للعالم العارف فيما لا يقصد فيه الألفاظ، أما الأدعية والأذكار والرقى فإن الألفاظ فيها ربما تكون جزءًا من المقصود وحينئذٍ لا تجوز الرواية بالمعنى بالإجماع وهذا أولى ما قيل فيه عندي، وقد أجاب بعضهم عن الاستدلال المذكور بان الرواية بالمعنى إنما تجوز إذا كان المعنى واحدًا، أما النبي والرسول فبينهما فرق لغة واصطلاحًا فلم يسغ استبدال إحدى الكلمتين بالأخرى والله سبحانه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>