قال القرطبي: هذا الحديث يتضمن الإرشاد إلى مصلحتين إحداهما معلومة ظاهرة وهي إن الإنسان إذا قام عن فراشه لا يدري ما دب عليه بعده من الحيوانات ذوات السموم فينبغي له إذا أراد أن ينام عليه أن يتفقده ويبحثه ويمسحه لإمكان أن يكون فيه شيء يخفى من رطوبة أو غيرها فهذه مصلحة ظاهرة، وأما اختصاص هذه النفض بداخلة الإزار فمصلحة لم تظهر لنا بل إنما ظهرت للنبي صلى الله عليه وسلم بنور النبوة وإنما علينا نحن الامتثال ويقع لي أن النبي صلى الله عليه وسلم علم فيه خاصية طبية تنفع من ضرر بعض الحيوانات كما قد أمر بذلك في حق العائن كما تقدم والله تعالى أعلم. ويدل على ذلك ما رواه الترمذي في هذا الحديث (فليأخذ صنفة إزاره فلينفض بها فراشه ثلاثًا) فحذا بها حذو تكرار الرُّقى اه من المفهم، ويحتمل أن يكون ذكر داخلة الإزار اتفاقًا والمقصود منه ما تيسر من الثوب الذي لا يضر توسخه والله أعلم.
(وليسم الله) تعالى أي وليذكر اسمه تعالى عند نفضه، وقوله:(فإنه) أي فإن أحدكم (لا يعلم ما خلفه) أي ما وقع (بعده) أي بعد فراقه الفراش (على فراشه) الذي نام فيه أولًا علة للنفض (فإذا أراد أن يضطجع) على فراشه (فليضطجع على شقه الأيمن وليقل) بعد اضطجاعه (سبحانك اللهم) يا (ربي بك وضعت جنبي) على الأرض، وفي رواية (لك وضعت جنبي) واللام بمعنى الباء والباء للاستعانة أي بك أستعين على وضع جنبي (وبك أرفعه) أي وبك أستعين على رفعه من الأرض. قال القرطبي: فاللام يحتمل أن يكون معناه لك تقربت بذلك فإن نومه إنما كان ليستجم به لما عليه من الوظائف ولأنه كان يوحى إليه في نومه ولأنه كان يقتدى به فصار نومه عبادة، وأما يقظته فلا تخفى أنها كانت كلها عبادة، ويحتمل أن يكون معناه لك وضعت جنبي لتحفظه ولك رفعته لترحمه اه من المفهم.
(إن أمسكت نفسي) أي توفيتها (فاغفر لها وإن أرسلتها) ورددتها (فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) بالتوفيق والهداية لأقوم الطريق.