ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:
٦٧٢٩ - (٢٦٩٧)(٤٦)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو الأموي المصري (أخبرنا محبد الله بن وهب) القرشي المصري (أخبرني سليمان بن بلال) التيمي المدني، ثقة، من (٨)(عن سهيل بن أبي صالح) السمان المدني، صدوق، من (٦) روى عنه في (١٣) بابًا (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر) أي إذا كان ملتبسًا بسفر (وأسحر) معطوف على كان الثانية أي استيقظ من نومه وقت السحر أو استمر في سيره حتى انتهى سيره إلى وقت السحر وهو أخر الليل قبل الفجر (يقول) جواب إذا (سمع سامع) روي سمع بتشديد الميم وفتحها من التسميع والمعنى حينئذٍ ليسمع سامع لمقالتي هذه من الحمد والدعاء إلى غيره ليقتدي بي في قولها، ورُوي بكسر الميم وتخفيفها من السماع والمعنى حينئذٍ ليسمع سامع ويشهد شاهد على حمدنا لله تعالى وشكرنا إياه على نعمه، قال القرطبي: وهو على كلا التقديرين خبر بمعنى الأمر أي ليسمع سامع وليبلغ نظير قوله صلى الله عليه وسلم: "تصدق رجل بديناره ودرهمه" رواه مسلم [١٠١٧] أي ليتصدق والمعنى أي ليبلغ سامع إلى غيره (بحمد الله) أي بحمدنا لله سبحانه ليقتدي بنا فيه (وحسن بلائه علينا) أي وحسن إبلاء الله وإنعامه علينا، والإبلاء هنا بمعنى الإنعام وإضافة ما قبله إليه من إضافة الصفة إلى موصوفها أي إبلائه الحسن والبلاء هنا بمعنى العطاء وهو من الأضداد، قال أهل اللغة: البلاء يكون منحة ويكون محنة وحينما يُستعمل بمعنى المنحة ربما يستصحب بلفظ الحسن لتمييزه عن البلاء بمعنى المصيبة والمحنة، وذكر ابن الأثير في جامع الأصول [٤/ ٢٨٩] أن البلاء في الأصل الاختبار والامتحان وربما يكون بالخير ليتبين الشكر وربما يكون بالشر ليظهر الصبر ومن هنا أُطلقت الكلمة على النعمة والمصيبة جميعًا اه (ربنا) أي يا مالك أمرنا