والزماه ولا تقوما (فقعد) النبي صلى الله عليه وسلم (بيننا) أي بيني وبين فاطمة ونحن مضطجعون (حتى وجدت برد قدمه على صدري) قال النووي: كذا في نسخ مسلم (برد قدمه) بالإفراد، وفي البخاري (قدميه) بالتثنية وهي زيادة ثقة لا تخالف الأولى (ثم) بعد قعوده (قال) لنا: (ألا) حرف عرض وهو الطلب برفق ولين (أعلمكما خيرًا مما سألتما) من الخادم (إذا أخذتما مضاجعكما) أي مفارشكما (أن تكبرا الله أربعًا وثلاثين وتسبحاه ثلاثًا وثلاثين وتحمداه ثلاثًا وثلاثين فهو) أي ما ذكرته لكما من الأذكار (خير لكما من خادم) تطلبانه أي من جارية تخدمكما وهو يُطلق على الذكر والأنثى، وفي رواية للبخاري فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت أقوم فقال: "مكانك " فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال:"ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم" قال العيني: وجه الخيرية إما أن يراد به أنه يتعلق بالآخرة والخادم بالدنيا والآخرة خير وأبقى، وإما أن يراد بالنسبة إلى ما طلبته بأن يحصل لها بسبب هذه الأذكار قوة تقدر على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم اه من التحفة.
قوله:(فجاء وقد أخذنا مضاجعنا) قال القرطبي: كان هذا المجيء ليلًا لأنه قد جاء في بعض طرقه أنه قال: طَرَقَهُما. قوله:(فذهبنا نقوم) يعني أن عليًا وفاطمة أرادا أن يقوما للنبي صلى الله عليه وسلم فلما منعهما من ذلك بقيا على حالهما امتثالًا بأمره صلى الله عليه وسلم حتى جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وهما مضطجعان ويؤخذ منه أن الامتثال لأمر الكبير مقدم على ما يقتضيه الأدب والتعظيم في الظاهر، قال القرطبي: وقعود النبي صلى الله عليه وسلم بين ابنته وعلي دليل على جواز مثل ذلك وأنه لا يُعاب على من فعله إذا لم يؤد ذلك إلى اطلاع على عورة أو إلى شيء ممنوع شرعًا.
قوله:(إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله) .. إلخ التكبير مقدم في هذا الحديث وفيما سيأتي التسبيح مقدم وكلاهما عند النوم، قال في المرقاة قال الجزري في شرح المصابيح: في بعض الروايات ذكر التكبير أولًا، وكان شيخنا الحافظ ابن كثير يرجحه