للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَتَرَاحَمُ الْخَلَائقُ. حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ"

ــ

(تتراحم الخلائق) فيما بينهم بعضهم بعضًا (حتَّى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية) ومخافة (أن تصيبه) وتؤذيه بذلك الحافر الذي وقع عليه، وفي رواية البُخَارِيّ (حتَّى يرفع الفرس حافره .. إلخ) قال المناوي: الفرس وغيرها من الدواب كالحمار والبغل خص بالفرس لأنه أشد الحيوان المألوف إدراكًا اه.

قال النووي: هذه الأحاديث من أحاديث الرجاء والبشارة للمسلمين، قال العلماء: لأنه إذا حصل للإنسان من رحمة واحدة في هذه الدار المبنية على الأكدار الإِسلام والقرآن والصلاة والرحمة في قلبه وغير ذلك مما أنعم الله تعالى به فكيف الظن بمائة رحمة في الدار الآخرة وهي دار القرار ودار الجزاء والله أعلم اه منه.

قال القرطبي: ومقتضى هذا الحديث أن الله تعالى علم أن أنواع النعم التي يُنعم بها على خلقه مائة نوع فأرسل منها فيهم في هذه الدار نوعًا واحدًا انتظمت به مصالحهم وحصلت به مرافقهم فإذا كان يوم القيامة كمل لعبادة المؤمنين ما بقي في علمه وهو التسعة والتسعون فكملت الرحمة كلها للمؤمنين وهو المشار إليه بقوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة/١٧] وهو الذي صرح به النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حيث قال لهم: "إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعكم عليه" رواه مسلم [٢٨٢٥] وعند هذا يفهم معنى قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب/٤٣] فإن رحيمًا من أبنية المبالغة التي لا شيء أبلغ منها، ويفهم من هذا أن الكافرين لا يبقى لهم في النَّار رحمة ولا تنالهم نعمة لا من جنس رحمات الدنيا ولا من جنس غيرها إذا كمل كل ما علم الله من الرحمات للمؤمنين، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} الآية اه من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في الأدب باب جعل الله الرحمة مائة جزء [٦٠٠٠] وفي الرقاق باب الرَّجاء مع الخوف [٦٤٦٩]، والتِّرمذيّ في الدعوات باب [١٠٧ و ١٠٨] حديث [٣٥٣٥ و ٣٥٣٦]، وابن ماجه في الزهد باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة [٤٣٤٧].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>