للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَالَ رَجُلٌ، لَمْ يَعْمَل حَسَنَةً قَطُّ، لأَهْلِهِ: إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ. ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ في الْبَرِّ وَنِصْفَهُ في الْبَحْرِ. فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَرَ الله عَلَيهِ لَيُعَذبَنَّهُ عَذَابًا لا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالمِينَ

ــ

روى عنه في (١٤) بابًا (حَدَّثَنَا مالك) بن أنس الأصبحي المدنِي الإِمام (عن أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل): ممن قبلكم (لم يعمل حسنة قط) وكلمة قط ظرف مستغرق لما مضى من الزمان ملازم للنفي ضد عوض كما مر مرارًا أي لم يعمل خيرًا فيما مضى من عمره أي قال (لأهله) أي لأولاده وأقاربه: (إذا مات) ذلك الرَّجل (فحرقوه) وفي هذا وفيما بعده التفات من التكلم والخطاب إلى الغيبة، وكان مقتضى السياق أن يقول إذا مت فحرقوني بالتكلم والخطاب، ذكر الحافظ في رواية الطَّبْرَانِيّ أنَّه كان من بني إسرائيل، وكان ينبش القبور، وقد صرح عقبة بن عمرو رضي الله عنه بكونه نباشًا وذلك في حديثه عند البُخَارِيّ في الأنبياء، قوله: (قال لأهله) وفي حديث لأبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه عند البُخَارِيّ في الرقاق [٢٤٨١] أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذكر رجلًا فيمن كان سلف أو قبلكم آتاه الله مالًا وولدًا يعني أعطاه قال: فلما حضر قال لبنيه: أي أبي كنت لكم؟ قالوا: خير أبي، قال: فإنَّه لم يبتئر عند الله خيرًا. فسرها قتادة: لم يدخر ولم يقدم على الله يعذبه فانظروا فإذا مت فأحرقوني .. إلخ (ثم اذروا) بهمزة وصل من الذرى بمعنى التذرية، ويجوز قطعها يقال: ذرته الريح وأذرته إذا أطارته أي فرقوا اه مناوي أي اعصفوا وانثروا وذروا (نصفه) أي نصف رماده (في) هواء (البر ونصفه) الآخر (فِي) هواء (البحر فوالله لئِن قدر الله) تعالى أي لئن شدد الله (عليه) في المحاسبة والمناقشة ولم ييسر عليّ حسابي وناقشني في كل ما ارتكبته من المعاصي (ليعذبنه) الله (عذابًا لا يعذبه) أي لم يعذبه (أحدًا من العالمين) وقدر هنا بمعنى ضيق عليه يعني أن الله تعالى إن ناقشه في الحساب، وضيقه عليه ليعذبنه أشد العذاب، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق/٧] أي ضيق عليه وهذا التأويل حسن، ويؤيده قوله في آخر الحديث حين قال الله له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يَا رب فلو كان جاهلًا بالله أو بصفاته لما خافه ولما عمل شيئًا لله والله تعالى أعلم اه من

<<  <  ج: ص:  >  >>