قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى: لا أَدْرِي أَقَالَ في الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: "اعْمَلْ مَا شِئْتَ".
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ:
ــ
ثم تتوب غفرت لك، فالحديث دليل على أنَّه لو تكرر الذنب مائة مرة أو أَلْف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة قُبلت توبته وسقطت ذنوبه ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها صحت توبته اه منه، قال القرطبي: والحديث يدل على عظيم فائدة الاستغفار وعلى عظيم فضل الله وسعة رحمته وحلمه وكرمه، ولا شك في أن هذا الاستغفار ليس هو الذي ينطق به اللسان بل الذي يثبت معناه في الجنان فيحل به عقد الإصرار ويندم معه على ما سلف من الأوزار، فإذًا الاستغفار ترجمة التوبة وعبارة عنها ولذلك قال:"خياركم كل مفتن تواب" رواه البيهقي في الشعب [٧١٢٠] عن النُّعمان بن سعد [٧١٢١] عن علي رضي الله عنه، قيل: هو الذي يتكرر منه الذنب والتوبة فكلما وقع في الذنب عاد إلى التوبة، وأما من قال بلسانه أستغفر الله وقلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار وصغيرته لاحقة بالكبار إذ لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار.
وفائدة هذا الحديث أن العود إلى الذنب وإن كان أقبح من ابتدائه لأنه انضاف إلى الذنب نقض التوبة فالعود إلى التوبة أحسن من ابتدائها لأنها انضاف إليها ملازمة الإلحاح بباب الكريم وأنه لا غافر للذنوب سواه، وفي قوله:"اعمل ما شئت فقد غفرت لك" نكتة وهي أن هذا الأمر يحتمل أن يكون معناه الإكرام فيكون من باب قوله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ}[الحجر/٤٦] وآخر الكلام خبر عن حال المخاطب لأنه مغفور له ما سلف من ذنبه ومحفوظ إن شاء الله تعالى فيما يستقبل من شأنه اه من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [٢/ ٤٠٥]، والبخاري في التوحيد باب قول الله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}[٧٥٠٧] وسند مسلم في هذا الحديث أعلى من سند البُخَارِيّ والله أعلم.
(قال عبد الأعلى) بن حماد: (لا أدري) ولا أعلم (أقال) أي هل قال شيخي حماد بن سلمة (في) المرة (الثالثة أو الرابعة) لفظة (اعمل ما شئت) أي لا أدري أقال هذه اللفظة في الثالثة أو الرابعة، وفي بعض النسخ هنا زيادة، وهي قوله:(قال أبو أَحْمد) محمَّد بن عيسى الجلودي النَّيْسَابُورِيّ تلميذ أبي إسحاق إبراهيم بن محمَّد تلميذ