للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ الله مَعَهُمْ. وَلَا تَرْجِعْ إلى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ. فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ. فَقَالَتْ مَلَائكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ. وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ. فَجَعَلُوهُ بَينهُمْ. فَقَالَ: قِيسُوا

ــ

يعبدون الله) تعالى (فاعبد الله) تعالى (معهم ولا ترجع إلى أرضك) التي قتلت فيها (فإنَّها) أي فإن أرضك (أرض سوء) وذنب أسأت به.

وفي قوله: (انطلق إلى أرض كذا) الحض على مفارقة الأرض التي اقترف فيها الذنب وعلى مفارقة الإخوان الذين ساعدوه عليه مبالغة في التوبة وعلى استبدال ذلك بصحبة أهل الخير والصلاح، ووقع في المعجم الكبير للطبراني أن اسم تلك القرية التي هاجر إليها (نصرة) واسم القرية التي أذنب فيها (كفرة) ذكره الحافظ.

وفي قوله: (ولا ترجع إلى أرضك) .. إلخ استحباب مفارقة التائب الأرض التي تكثر فيها الدواعي للذنوب وأن يلتمس صحبة أهل الخير والصلاح فإنَّها أكبر عون له في إصلاح نفسه وتزكية خلقه وسلوكه.

قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: (فانطلق) أي ذهب ذلك الرَّجل إلى جهة قرية نصرة (حتَّى إذا نصف الطريق) أي وصل وبلغ وسط مسافة الطريق التي بين القريتين (أتاه الموت) أي مقدمات الموت (فاختصمت) أي تخاصمت (فيه) أي في قبض روحه (ملائكة الرحمة وملائكة العذاب) كلاهما من أعوان ملك الموت (فقالت ملائكة الرحمة جاء) أي صار هذا الرَّجل (تائبًا) أي راجعًا عن ارتكاب المعاصي (مقبلًا بقلبه) أي متوجهًا بقلبه (إلى) طاعة (الله) تعالى وامتثال أمره ونحن أحق بقبض روحه، قال القاضي عياض رحمه الله: علموا ذلك بإطلاع الله تعالى إياهم على ما في قلبه من ذلك ولو أطلع عليه ملائكة العذاب لم تنازع ولكن شهدت بما علمت من ظاهر أمره كما قال (وقالت ملائكة العذاب أنَّه) أي إن هذا الرَّجل (لم يعمل خيرًا) أي عملًا صالحًا يثاب عليه (قط) أي فيما مضى من عمره من الأزمنة (فأتاهم) أي أتى الفريقين من الملائكة (ملك) متصور (في صورة آدمي) وشكله (فجعلوه) أي فجعل الفريقان من الملائكة ذلك الملك المتصور بصورة آدمي محكمًا (بينهم) فيما تنازعوا فيه (فقال) لهم ذلك الملك (قيسوا) أي حاسبوا

<<  <  ج: ص:  >  >>