للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا. فَنَزَلَتْ: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} [آل عمران: ١٨٨]

ــ

العذر حقًا وصدقًا (وأحبوا أن يُحمدوا) أي أن يحمدهم الناس ويصفوهم (بما لم يفعلوا) أي بما ليس فيهم من الصدق في اعتذارهم وحلفهم عليه أي يحبون أن يصفهم الناس ويمدحوا لهم بما ليس فيهم من الصدق في اعتذارهم وأيمانهم عليه (فنزلت) آية ({لَا تَحْسَبَنَّ}) أي لا تظنن يا محمد المنافقين ({الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}) أي بما فعلوا من الاعتذار إليك بعذر باطل ({وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا}) أي أن يصفهم الناس ({بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}) أي بالصدق في اعتذارهم والحلف عليه أي يحبون أن يقول لهم الناس هم معزرون في تخلفهم صادقون في اعتذارهم وأيمانهم. وقوله: ({فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ}) توكيد لفظي للفعل الأول والفاء فيه زائدة والموصول هو المفعول الأول للفعل الأول على قراءة التاء والثاني هو قوله ({بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}) أي فلا تحسبنهم بمنجاة من العذاب أي فائزين بالنجاة من العذاب الذي أعده الله لهم في الدنيا من الفضيحة والقتل، ومن أراد البحث عن هذه الآية تفسيرًا وإعرابًا وبلاغة وتصريفًا ولغة فليراجع تفسيرنا الحدائق يظفر ما طلبه منها [آل عمران: ١٨٨] قوله: (فنزلت لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا .. إلخ) هكذا ذكره أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في سبب نزول الآية وأن المراد من كان يعتذر عن التخلف من المنافقين، وفي حديث ابن عباس الذي أخرجه المؤلف بعد هذا أن المراد من أجاب من اليهود بغير ما سُئل عنه وكتموا ما عندهم من ذلك ويمكن الجمع بين الحديثين بأن تكون الآية نزلت في الفريقين معًا وبهذا أجاب القرطبي وغيره وحكى الفراء أنها نزلت في قول اليهود نحن أهل الكتاب الأول والصلاة والطاعة ومع ذلك لا يقرون بمحمد صلى الله عليه وسلم فنزلت {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} وروى ابن أبي حاتم من طرق أخرى عن جماعة من التابعين نحو ذلك ورجحه الطبري ولا مانع من أن تكون نزلت في كل ذلك أو نزلت في أشياء خاصة وعمومها يتناول كل من أتى بحسنة ففرح بها فرح إعجاب وأحب أن يحمده الناس ويثنوا عليه بما ليس فيه والله أعلم اه فتح الباري [٨/ ٢٣٣].

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في تفسير سورة النساء باب {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [٤٥٨٩]، والترمذي في تفسير سورة النساء [٣٠٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>