فرحهم وسرورهم رواه ابن مردويه فكأن مروان توقف في ذلك وأراد زيادة الاستظهار فقال (لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل) له (لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي) بضم الهمزة وكسر الفوقية على صيغة المجهول أي أُعطي (وأحب أن يُحمد) بضم أوله مبنيًا للمفعول (بما يفعل معذبًا) بالنصب على أنه خبر كان (لنعذبن) بضم النون وفتح الذال المشددة على صيغة المجهول (أجمعون) بالواو توكيد لضمير النائب لأن كلنا يفرح بما أوتي ويحب أن يحمد بما لم يفعل (وأما رافع) هذا فهو مولى مروان بن الحكم، روى عن ابن عباس في النفاق، ويروي عنه (خ م ت س) وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وعلقمة بن وقاص، وقال في التقريب: مقبول، من الثالثة، فهو داخل في سلسلة هذا السند.
(فقال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما منكرًا عليهم السؤال عن ذلك (ما لكم ولهذه الآية) أي أي غرض لكم للسؤال عن هذه الآية أي أي علاقة بينكم أيها المؤمنون وبين هذه الآية أي لا علاقة بينكم وبينها وذلك لأنها (إنما أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب) يعني اليهود (ثم تلا ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران: ١٨٧]) أكمل (هذه الآية) ومعنى الآية واذكر يا محمد لأمتك قصة إذ أخذ الله العهد المؤكد باليمين من ({الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} أي من علماء اليهود والنصارى على ألسنة أنبيائهم {لَتُبَيِّنُنَّهُ} بالتاء حكاية لمخاطبتهم أي لتبينن ذلك الكتاب الذي أوتيتم {لِلنَّاسِ} ولتظهرن جميع ما فيه من الأحكام والأخبار التي من جملتها نبوة محمد صلى الله عليه وسلم للناس {وَلَا تَكْتُمُونَهُ} أي والحال أنكم لا تكتمون ولا تخفون ذلك الكتاب عن الناس ولا تؤولونه ولا تلقون الشُبه الفاسدة والتأويلات المزيفة إليهم وذلك بأن يوضحوا معانيه كما هي ولا يؤولوه ولا يحرّفوه عن مواضعه التي وُضع لتقريرها ويذكروا مقاصده التي أُنزل لأجلها حتى لا يقع اضطراب ولا لبس في فهمه {فَنَبَذُوهُ} أي نبذ علماؤهم ذلك الكتاب أو الميثاق وطرحوه {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} أي خلف ظهورهم فلم يعملوا به ولم يبالوا به ولم يهتموا بشأنه {وَاشْتَرَوْا} أي أخذوا بكتمانه {ثَمَنًا قَلِيلًا} أي عوضًا يسيرًا من الدنيا من