ولفظ رواية أحمد في سنده قال الوليد بن جُميع وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس .. وذُكر له أن في الماء قلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى أن لا يرد الماء أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فورده رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رهطًا قد وردوه قبله فلعنهم يومئذٍ.
ويظهر من روايات أهل السير أن هذه القصة وقعت مرتين مرة في سفره صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وقد مرَّت تلك القصة في كتاب مسلم في باب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الفضائل حديث رقم [٥٩٠١] من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم قبل وصوله إلى تبوك بيوم "إنكم ستأتون غدًا إن شاء الله تعالى عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يُضحي النهار فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتي "فسبقه رجلان فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم.
والقصة الأخرى وقعت عند رجوعه من تبوك فيما ذكره الواقدي في مغازيه [٣/ ١٠٣٩] ولفظه: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلًا حتى إذا كان بين تبوك وواد يقال له وادي الناقة وكان فيه وشل - أي ماء قليل - يخرج منه في أسفله قدر ما يروي الراكبين أو الثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سبقنا إلى ذلك الوشل فلا يستقين منه شيئًا حتى نأتي" فسبق إليه أربعة من المنافقين معتب بن قشير والحارث بن يزيد الطائي حليف في بني عمرو بن عوف ووديعة بن ثابت وزيد بن اللصيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أنهكم" ولعنهم ودعا عليهم، ثم نزل فوضع يده في الوشل ثم مسحه بأصبعه حتى اجتمع في كفه منه ماء قليل ثم نضحه ثم مسحه بيده ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به فانخرق الماء.
ولعل المراد في حديث الباب هذه القصة الثانية وقوله:(وقد كان في حرة) المراد منه أنه صلى الله عليه وسلم حين أمر الناس بأن لا يسقين من الماء الوشل أحد حتى يأتيه كان في حرة أي في أرض ذات حجارة سود والله سبحانه وتعالى أعلم. وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم من بين الأئمة الستة رحمه الله تعالى.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى تاسعًا لحديث زيد بن أرقم بحديث جابر رضي الله عنه فقال: