بكسر الميم وسكون المثلثة وبعضهم بفتح الميم والثاء كليهما وهما بمعنى وما ذكر في الحديث من خصوصية النخلة أنها لا تسقط ورقها تظهر فائدته مما أخرجه الحارث بن أبي أسامة في هذا الحديث من وجه آخر عن ابن عمر ولفظه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "إن مثل المؤمن كمثل شجرة لا تسقط لها أنملة، أتدرون ما هي؟ " قالوا: لا، قال: "هي النخلة لا تسقط لها أنملة ولا تسقط لمؤمن دعوة" اه من الفتح [١١/ ١٤٥].
قال العيني في عمدة القاري [٢/ ١٤] وأما وجه الشبه فقد اختلفوا فيه فقال بعضهم: هو كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجودها على الدوام فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس وبعد أن ييبس يُتخذ منها منافع كثيرة من خشبها وورقها وأغصانها فيستعمل جذوعًا وحطبًا وعصيًا ومخاصر وحصرًا وحبالًا وأواني وغير ذلك مما ينتفع به من أجزائها ثم آخرها نواها يُنتفع به علفًا للإبل وغيره ثم جمال نباتها وحُسن ثمرتها وهي كلها منافع وخير وجمال وكذلك المؤمن خير كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه ومواظبته على صلاته وصيامه والصدقة وسائر الطاعات هذا هو الصحيح في وجه الشبه، وقال بعضهم: وجه التشبيه أن النخلة إذا قطعت رأسها ماتت بخلاف باقي الشجر، وقال بعضهم لأنها لا تحمل حتى تلقح، وقال بعضهم: لأنها تموت إذا نزقت أو فسد ما هو كالقلب لها، وقال بعضهم لطلعها رائحة المني، وقال بعضهم لأنها تعشق كالإنسان وهذه الأقوال كلها ضعيفة من حيث إن التشبيه إنما وقع بالمسلم وهذه المعاني تشمل المؤمن والكافر اه كلامه.
(فحدثوني) جواب (ما هي) أي جواب سؤال ما هي تلك الشجرة، قال العيني في عمدة القاري [٢/ ١٥] وفيه جواز اللغز مع بيانه وهو إعماء الكلام ليعرفه الفطن، وقد وقع في رواية نافع عند البخاري في التفسير (أخبروني) بدل قوله حدثوني، ووقع في رواية الإسماعيلي عن نافع (أنبئوني) ذكره العيني فاشتمل الحديث على الألفاظ الثلاثة المعروفة عند المحدثين للحديث، قال القاضي عياض: قوله: (فحدثوني) فيه إلقاء العالم المسألة على أصحابه ليختبر أذهانهم، وفيه ضرب الأمثال والأشياء اه (فإن قلت): روى أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأغلوطات، قال الأوزاعي أحد رواته: إنه صعاب المسائل قلت: هو محمول على ما إذا أُخرج على