قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَوَقَعَ في نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. فَاسْتَحْيَيْتُ
ــ
سبيل تعنيت المسؤول أو تعجيزه أو تخجيله ونحو ذلك، قال ابن عمر (فوقع الناس) الحاضرون عند النبي صلى الله عليه وسلم (في شجر البوادي) جمع بادية أي ذهبت أفهامهم وأفكارهم إلى أشجار البوادي أي إلى أشجار الصحاري والريف وصار كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي وذهلوا عن النخلة اه نووي، قال الأبي: لعل وقوعهم فيها لما فهموا أن الأمثال إنما تُضرب بالغريب البعيد اه (قال عبد الله) بن عمر رضي الله عنه: (ووقع في نفسي) وقلبي (أنها) أي أن تلك الشجرة التي سأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم هي (النخلة) بيّن أبو عوانة في صحيحه من طريق مجاهد عن ابن عمر وجه ذلك وسببه قال: فظننت أنها النخلة من أجل الجُمار التي أُتي به يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إنما طرح هذا السؤال عندما أُتي بجمار النخل وجعل يأكله كما سيأتي ففهم ابن عمر أن المسؤول عنه شجرة النخلة، قال الحافظ: وفيه إشارة إلى أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال وأن الملغز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للملغز بابًا يدخل منه بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه (فاستحييت) من ذكرها، وبيّن في رواية آتية أنه إنما استحيا لكون الصحابة الكبار حاضرين في المجلس، ووقع في رواية مجاهد عند البخاري في باب الفهم في العلم فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم وله في الأطعمة فإذا أنا عاشر عشرة وأنا أحدثهم، وفي رواية نافع عند البخاري في التفسير ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم، وفيه أن الأدب للصغير أن لا يبادر بالجواب إذا كان الكبار ساكتين بل ينتظر فإن أجاب أحد الكبار يكتفي به وإلا فيتكلم.
وأخرج البخاري هذا الحديث في تفسير قوله تعالى:{كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} إشارة إلى أن المراد من الشجرة الطيبة في الآية النخلة وقد ورد صريحًا فيما رواه البزار من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الآية فقال: "أتدرون ما هي؟ قال ابن عمر: لم يخف عليّ أنها النخلة، فمنعي أن أتكلم مكان سني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة" ذكره الحافظ في الفتح [١/ ١٤٦] ثم قال: ويجمع بين هذا وبين ما