يترتب عليهما من الزيارة والرؤية وسائر الإمداد والإسعاد ففي الجامع أن أهل الجنَّة ليحتاجون إلى العلماء في الجنَّة، وذلك أنهم يزورون الله تعالى في كل جمعة فيقول: لهم تمنوا علي ما شئتم، فيلتفتون إلى العلماء فيقولون: ماذا نتمنى؟ فيقولون: تمنوا عليه كذا وكذا، فهم يحتاجون إليهم في الجنَّة كما يحتاجون إليهم في الدُّنيا، رواه ابن عساكر عن جابر، هذا وتسمية يوم الجمعة بيوم المزيد في الجنَّة يدل على تمييزه عن سائر الأيَّام والله تعالى أعلم (فتهب) أي تعصف وتهيج (ريح الشمال) وهي في الدُّنيا الرِّيح التي تأتي من دبر القبلة "أي الكعبة" من ناحية الشَّام وهي التي تأتي بلاد العرب بالأمطار فهي عندهم أحسن الأرياح فلذلك سمي ريح الجنَّة بالشمال ومقابلها ريح الجنوب، وقد سميت هذه الرِّيح في حديث آخر بالمثيرة لأنَّها تثير النعيم والطيب على أهل الجنَّة أن مفهم (فتحثو) أي تنثر، والمفعول محذوف تقديره أي فتنثر (في وجوههم) أي في أبدانهم (وثيابهم) المسك وأنواع الطَّيِّب، والمراد بالوجوه الأبدان أو الذوات وإنَّما خصت الوجوه لشرفها (فيزدادون حسنًا) في ثيابهم (وجمالًا) في أبدانهم، قيل زيادة حسنهم بقدر حسناتهم (فيرجعون إلى أهليهم) وأزواجهم (وقد ازدادوا حسنًا وجمالًا فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا) أي بعد فراقنا (حسنًا وجمالًا فيقولون) لأهليهم: (وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا) يعني أنهم يجدون أن أهلهم الذين تركوهم في بيوتهم قد ازداد جمالهم وهو إما لكونهم أصابتهم نفس الرِّيح في البيوت أيضًا، وإما بسبب انعكاس جمال القادمين من السوق أو لأجل تأثير حالهم وترقي مآلهم كذا في مرقاة المصابيح لعلي القارئ رحمه الله تعالى. قوله:(ريح الشمال) وفي الشمال لغات الشِّمال، والشَّمْأل وبالهمز بين الميم الساكنة واللام، والشمل بفتحتين، والشمول بوزن القبول والدبور، وشامل بهمزة ساكنة حكاها صاحب العين.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم من أصحاب الأمهات، لكنَّه شاركه أحمد في [٣/ ٢٨٤].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة وهو كون أول