للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمِسْكُ. وَمَجَامِرُهُمُ الألَوَّةُ. وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ. أَخْلاقهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ. عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ. سِتُّونَ ذِرَاعًا، فِي السَّمَاءِ"

ــ

عرقهم (المسك) أي كالمسك في طيب الرائحة (ومجامرهم) قال العيني: جمع مجمرة وهي المبخرة سميت مجمرة لأنَّها يوضع فيها الجمر ليفوح به ما يوضع فيها من البخور. وقوله: (ومجامرهم) مبتدأ خبره (الألوة) وفي النهاية: الألوة بفتح الهمزة وضم اللام وتشديد الواو المفتوحة هو العود الذي يتبخر به يعني العود الهندي، والمعنى أن مجامرهم يبخر فيها مثل العود الهندي، ووقع في رواية وقود مجامرهم الألوة، وقال الأصمعي: هي فارسية عربت معناها العود الهندي الذي يتبخر به اه. وقال علي القارئ في المرقاة [١/ ٣٢٤] وهذا كله من اللذات المتوالية والشهوات المتعالية وإلا فلا تلبد لشعورهم ولا وسخ ولا عفونة لأبدانهم وثيابهم بل ريحهم أطيب من المسك فلا حاجة لهم إلى التمشط والتبخر إلَّا لزيادة الزينة والتلذذ بأنواع النعم الحسية اه.

وقال القرطبي: قد يقال هنا أي حاجة في الجنَّة إلى الامتشاط ولا تتلبد شعورهم ولا تتسخ، وأي حاجة إلى البخور وريحهم أطيب من المسك فيجاب عن ذلك أن نعيم أهل الجنَّة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم فليس أكلهم عن جوع ولا شرابهم عن ظمإ ولا تطيبهم عن نتن، وإنَّما هي لذات متوالية ونعم متتابعة، ألا ترى قوله تعالى لآدم: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)} [طه: ١١٨، ١١٩] وحكمة ذلك أن الله تعالى نعمهم في الجنَّة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدُّنيا وزادهم على ذلك ما لا يعلمه إلَّا الله تعالى اه من المفهم (وأزواجهم الحور العين) جمع حوراء، والحور في العين شدة بياضها في شدة سوادها، والعين بكسر العين جمع عيناء كبيض جمع بيضاء وهي الواسعة العين، وفي الصحاح رجل أعين واسع العين، والجمع عين، وأصله فعل بالضم، ومنه قيل لبقر الوحش عين والثور أعين والبقرة عيناء اه من المفهم (أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعًا في السماء) قوله: (على خلق رجل واحد) روي بضمتين وبفتح الخاء وسكون اللام، والمعنى على الأوَّل أنهم يشابه بعضهم بعضًا في الأخلاق الفاضلة، فيكون المعنى أن أخلاقهم متساوية في الحسن والكمال كلهم كريم الخلق إذ لا تباغض ولا تحاسد ولا نقص، ويؤيده ما سيأتي في رواية همام "أن لا اختلاف بينهم ولا تباغض وأن قلوبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>